السؤال
حياكم الله وبيّاكم وجعل الجنّةَ مثواي ومثواكم، بارك الله فيكم وجزاكم الخير على هذه الجهود الجبّارة لمساعدة الناس وإجابتهم على أسئلتهم واستفساراتهم.
كثرت في الآونة الأخيرة بعض المواضيع التي تُسبب الشك، وخاصة إذا كانت بدون دليل شرعي قاطع ـ طبعاً هذا موضوع مُقتبس ـ وأتمنّى الإجابة على الأسئلة أسفل الموضوع:
الإجابة ـ بمفطر، أو فاطر، عندما يسألك أحد، هل أنت اليوم صائم؟ وأنت لست بصائم، فما هو الجواب؟
وطبعا، الجواب الذي يقوله الكل: لا، أنا فاطر، وأسألكم سؤالا، هل تعرفون معنى: فاطر؟ فمعناها في اللغة خالق، فمن هو الخالق؟ ومن هو الذي خلقنا؟ الكل سيقول: الله ـ عز وجل ـ لكن نحن حينما يسألنا أحد نقول العكس وللأسف، يعني يوم تقول أنا فاطر.
إنه شرك أن تقول أنا خالق، وأول ما سمعت هذه المعلومة تذكرت قول الله عز وجل: فاطر السموات والأرض فالأفضل أن نقول أنا مُفطر، أو مثلا أنا مُفطِرة، والآن أخي وأختي بعد ما عرفت هذه المعلومة وأنها كثيرة ومنتشرة بين الناس ما عليك غير أن تنشرها في كل المنتديات وترسلها لكل الإيميلات التي عندك وتخبر كل الذين تعرفهم، حتى تكون قد فعلت شيئا لدينك ولربك وتكون سببا في تصحيح معلومة كان الكل يخطئ فيها
السؤال الأول: ـ بارك الله فيكم ـ هل هذه المعلومة صحيحة، وخصوصاً بأنها انتشرت بكثرة في وقتِنا هذا؟
وهل يوجد دليل شرعي قاطع أن قول فاطر لا يجوز؟ و ما قول العلماء في هذه المسألة؟ وما تفصيلُهم فيها؟
في انتظار الرد ـ بارك الله فيكم ـ لتصحيح هذه المعلومة لدى الكثير من الإخوان، وخصوصاً العامّه منهم وبارك الله فيكم.
أخوكم أحمد.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه لا شك في أهمية الحرص على تحري المسلم في الألفاظ التي ينطقها وحرصه على سلامة معتقده ومعتقد إخوانه وأمته، ولكن أهم ما يعين على هذا هو تعلم أمور التوحيد والاعتقاد الصحيح والتفقه والسعي في تعليمها والتحذير مما يخالفها، فلا يسوغ أن يكفر الإنسان غيره دون استناد لدليل صحيح، والحكم في هذه المسألة المذكورة في السؤال يحتاج كذلك إلى علم ودراية بلغة العرب إضافة إلى الدراية بعلم التوحيد، فالفطر يأتي بمعنى الخلق، كما ذكر في السؤال ومنه في القرآن: فطرهن، وفطرني، وفاطر السموات.
ويطلق على ابتداء عمل الشيء وبه في فاطر السموات، كما روى ابن أبي حاتم وابن عبد البر عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: لم أكن أدري ما فاطر السموات والأرض حتى أتى أعرابيان يختصمان، فقال أحدهما أنا فطرتها أي ابتدأتها. اهـ.
ويطلق الفطر على الشق، يقال فطره فانفطر أي شقه، كذا في اللسان.
وقد نقل بعض علماء اللغة أن فطر الصائم جاء فيه الثلاثي، كما جاء فيه الرباعي، وبناء عليه فيصح أن يقال فطر الصائم فهو فاطر، كما يقال أفطر فهو مفطر، فقد قال صاحب القاموس: فطر الصائم يفطر فطورا أكل وشرب كأفطر. اهـ.
ونقل صاحب اللسان عن ابن سيده قال: فطر الشيء أنشأه وبدأه وفطرت إصبع فلان ضربتها فانفطرت دما، والفطر للصائم وقد أفطر وفطر. اهـ.
وبناء على هذا يعلم أنه لا يجوز الحكم بالشرك على من قال أنا فاطر إذا قصد نقيض الصوم، ومثله من قال أنا فاطر، هذا يعني أنه ابتدأ عمله، كما يدل له أثر ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ السابق، بل إنه لا يكفر من وصف شخصا بالصفات التي يشترك فيها الخالق والمخلوق في اللغة مثل الكريم والعظيم والرحيم، فقد قال الله تعالى في شأن عرش بلقيس إخبارا عن الهدهد: وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ {النمل:23}.
وقال في شأن النبات: فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ {لقمان 10}. وقال في وصف النبي صلى الله عليه وسلم: بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ {التوبة: 128}.
والله أعلم.