السؤال
قد غلب علي أمر صعب أن ألاقي له إجابة وهو متعلق بالقرآن الكريم. ولكن السؤال أرجو ألا يفهم بصيغته الخطأ: يقول المولي سبحانه وتعالي فيما معني الآية الكريمة ما يلفظ من قول إلا لدية رقيب عتيد. وأعلم أن الرقيب العتيد على الإنسان وليس على الله تعالى، ولكن الله يقول أيضا بالقرآن فيما معني الآية أنه يحيط بكل شيء علما. وأنا لا أشكك بذلك ولكن النبي سيدنا إبراهيم عليه السلام قال: ربي أرني كيف تحيي الموتى فقط ليطمئن قلبه. فمعنى الآيه أن الله أمرنا بالتفكر وليس التعجيز الذهني. ولكن سؤال: لماذا رقيب عتيد والله يحيط بكل شيئ علما . ومعاذ الله أني أشكك بقدرته على الإطلاق ولكن أريد تفسير الآيتين الكريمتين في ظل السؤال؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيقول تعالى: وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا. {الطلاق:12}. فدلت الآية على شمول علمه الأزلي الأبدي لما كان وما سيكون كليا وجزئيا.
وقال تعالى: مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ. {ق:18} وقد حاول بعض العلماء تلمس الحكمة في توكيل الملائكة بكتابة أعمال العباد مع أن الله جل وعلا يعلمها.
وقد جمع الفخر الرازي في تفسيره بعض ما قيل في ذلك فقال: ذكروا في فائدة جعل الملائكة موكلين على بني آدم وجوهاً:
الأول: أن المكلف إذا علم أن الملائكة موكلون به يحصون عليه أعماله ويكتبونها في صحائف تعرض على رؤوس الأشهاد في مواقف القيامة كان ذلك أزجر له عن القبائح.
الثاني: يحتمل في الكتابة أن يكون الفائدة فيها أن توزن تلك الصحائف يوم القيامة لأن وزن الأعمال غير ممكن أما وزن الصحائف فممكن.
الثالث: يفعل الله ما يشاء ويحكم ما يريد ويجب علينا الإيمان بكل ما ورد به الشرع سواء عقلنا الوجه فيه أو لم نعقل.
وفي التفسير المنير للدكتور وهبة الزحيلي وجه رابع وهو: الإتيان بدليل مادي محسوس لإقامة الحجة على الإنسان.
والله أعلم.