السؤال
حصلت مشادة كلامية بيني وبين أخت زوجي فشتمتني وبالمقابل شتمتها لأنها اعتادت على شتمي و اعتدت السكوت و لكني قررت هذه المرة الرد عليها، ولكن زوجي وقف مباشرة بجانبها دون أن يعرف سبب المشكلة أصلا و بدأ بشتمي أمام أهله و أخته وقاطعني من الحديث و أي علاقة. ما حكم ما حدث وهل يحق لزوجي مقاطعتي لإرضاء أخته؟ وهل يحق له شتمي أمام أهله؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أباحت الشريعة لمن تعرض لسب أو شتم ونحو ذلك أن ينتصر ممن سبه ولكن بشروط منها: أن يرد بالمثل ولا يعتدي في رده لقوله تعالى: مَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ. {البقرة : 194} ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: المستبان ما قالا فعلى البادئ منهما حتى يعتدي المظلوم. رواه مسلم وغيره .
جاء في فيض القدير: وقيل : المعنى أنه إذا سبه فرد عليه كان كفافا، فإن زاد بالغضب والتعصب لنفسه كان ظالما وكان كل منهما فاسقا. انتهى.
ومنها: ألا يرد بما هو محرم الجنس كالقذف والتكفير ونحو ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وكذلك له أن يسبه كما يسبه، مثل أن يلعنه كما يلعنه، أو يقول: قبحك الله، فيقول: قبحك الله، أو أخزاك الله، فيقول له: أخزاك الله، أو يقول: يا كلب يا خنزير، فيقول: يا كلب يا خنزير. فأما إذا كان محرم الجنس مثل تكفيره أو الكذب عليه لم يكن له أن يكفره ولا يكذب عليه. انتهى.
ومنها: ألا يسب بريئا من أرحام الظالم أو أقاربه.
قال شيخ الاسلام: وإذا لعن أباه لم يكن له أن يلعن أباه، لأن أباه لم يظلمه. انتهى.
فإن كنت قد رددت عليها في ضوء هذه الضوابط دون اعتداء منك فحينئذ لا يجوز لزوجك أن يمنعك وأولى لا يجوز له أن يسبك ولا أن يهجرك لأنك لم تزيدي على أن استوفيت حقك, وسبه لك حينئذ ظلم وعدوان , وكان الواجب عليه أن يكون قواما بالقسط ويكف أخته عن إساءاتها إليك.
أما إن كنت قد اعتديت في ردك عليها فحينئذ يجوز لزوجك بل ولغيره أن يمنعك من هذا العدوان لأن هذا يدخل في تغيير المنكر وهو واجب لمن قدر عليه، ولكن بشرط ألا يغيره بما هو ممنوع من سب ونحوه.
ويجوز لزوجك أيضا في هذه الحالة أن يهجرك عقوبة لك على اعتدائك على أخته وردك عليها بأزيد مما تستحق.
أما عن شتمه لك فهذا فيه تفصيل: فإن كان الشتم بما هو حاصل منك كأن تكوني قد اعتديت عليها فسبك بنحو يا ظالمة أو يا معتدية أو يا آثمة فهذا لا حرج فيه , أما إن كان الشتم والسب بغير ذلك مما هو محض تجريح وانتقام فهذا لا يجوز.
وفي النهاية نوصيك بالصبر على زوجك وعلى أهله وعلى ما يكون منهم من هنات ففي ذلك الفوز الكبير في الدنيا والآخرة إن شاء الله , وراجعي الفتوى التالية: 104987.
والله أعلم.