الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقر أمام القاضي كذبا أنه طلق زوجته فما حكمه

السؤال

اتفقت مع زوجتي أن نحصل على كتاب من المحكمة يفيد أني قد طلقت زوجتي من فترة بدون التلفظ بالطلاق هي تتلفظ بالطلاق وليست لدينا نية طلاق ولقد أخبرنا الشهود بذلك وأخبرناهم أننا بحاجة إلى كتاب من المحكمة لاستخراج سكن من الحكومة ووافقونا على ذلك وهم على علم أنني لم أطلقها لا بلفظ ولا بنية وأمام القاضي لم أرم عليها اليمين ولم يسألني القاضي عن شي أبدا قال لي متى طلقتها قلت من شهر هذا فقط وطلب مني أن ادفع رسوما لصدور شهادة ولم يسأل الشهود وإنما قال لهم أنتم الشهود قالوا نعم فقال لهم وقعوا فوقعوا وذهبوا ورجعنا إلى البيت وعاشرتها ولما ذهبنا لطلب المسكن قالوا لنا لازم يمر عليكم ثلاث شهور حتى تأتوا بكتاب ثان يفيد أنكم ما راجعتم أنفسكم وبعد ثلاث شهور ذهبنا إلى نفس القاضي ولم يحضر الشهود وطلبنا شهادة تفيد أننا لم نرجع على بعضنا وطلب مني القاضي شهودا فلم أجد أي شهود فوجدنا أشخاصا في المحكمة لم نعرفهم فقال لهم القاضي اشهدوا له ولم يعرفوا على ماذا يشهدون وأخذنا الكتاب من المحكمة وقدمنا على منزل والحمد لله أنا وزوجتي لم نترك بعضنا أنا لم أنو الطلاق ولم أتلفظ به وليست لدي النية في الطلاق ولم يخطر ببالي مثل ذلك ولكن الحكومة أجبرتنا أن نعمل هذا للحصول على سكن يؤوينا وراتب لزوجتي ومنزل لها ولأولادي حتى سؤال واحد لم يسألني القاضي فما حكم الشرع في مثل هذا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقبل الحكم على الطلاق وهل وقع أم لا ننبه السائل إلى أمرين:

الأول: أن الطلاق من أمور الشرع التي لا يجوز الاستخفاف أو التلاعب بها قال تعالى: وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا {البقرة: 231}

الأمر الثاني: أن شهادة الزور أمر عظيم والإقدام عليها إقدام على كبيرة من كبائر الذنوب، قال تعالى في صفات عباد الرحمن: وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا {الفرقان: 72} وروى البخاري ومسلم عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا، الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور، أو قول الزور، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئا فجلس فمازال يكررها حتى قلنا ليته سكت.

وما صدر منك ومن زوجتك والشهود والقاضي -إن كان متواطأ معكم- أمور منكرة وعليكم جميعا التوبة إلى الله تعالى.

وأما عن حكم ما صدر منك أمام القاضي فالظاهر أنك أقررت بلسانك كذبا أنك قد طلقتها من شهر ، وقد سبق أن بينا أن الراجح فيمن أقر بالطلاق كاذبا أن طلاقه يقع قضاء لا ديانة ، وراجع الفتوى رقم: 23014، وبهذا تكون الزوجية باقية بينكما.

وأما بالنسبة لهذه المنح الحكومية فلا يجوز لكم أخذها أو الانتفاع بها مادامت الدولة تضع شروطا لاستحقاقها ولم تتوفر فيكم هذه الشروط ، وهذا السبيل الذي لجأتم إليه من ادعاء الطلاق كذبا لا يبيح لكم ما هو حرام عليكم وإذا اتقيتم الله تعالى جعل لكم مخرجا ويسر لكم من سبل الحلال ما يغنيكم عن الحرام، ونوصيكم بالدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، روى الإمام أحمد والترمذي عن أبي وائل قال: أتى عليا رضي الله عنه رجل فقال يا أمير المؤمنين إني عجزت عن مكاتبتي فأعني فقال علي رضي الله عنه ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل ثبير دينا لأداه الله عنك؟ قلت بلى، قال قل : اللهم اكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عمن سواك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني