السؤال
لا يوجد هناك دليل صريح من القرآن على رجم الزاني ، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم رجم .
السؤال هو ، لماذا رجم الرسول ؟ ما الحكمة من الرجم ؟ يعني لماذا لم يجلد الزاني المحصن 200 جلدة مثلاً أو أكثر ؟ لأن الرجم عقوبة قاسية. ما الحكمة من اختيار الرسول لها ووضعها ؟ وشكراً
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله عز وجل قد أمر بالرجم وأنزل فيه آية قرآنية كانت تتلى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لفترة من الزمن، ثم نسخ لفظها وبقي حكمها ووجوب العمل بها ماض إلى يوم القيامة.
وقد سبق بيان ذلك مع ذكر الحكمة من النسخ في الفتوى رقم: 18663، والفتوى رقم: 98171، وما أحيل عليه فيهما.
وبذلك يتضح أن الرسول عليه الصلاة والسلام يطبق حد الرجم كما أوحى إليه الله سبحانه، ففعله الرسول عليه الصلاة والسلام تنفيذا وامتثالا لحكم ربه جل وعلا.
وتجدر الإشارة إلى أن القرآن ليس هو المصدر الوحيد للتشريع فما فعله النبي صلى الله عليه وسلم أو أمر به أو نهى عنه من التشريع أيضا قال تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا {الحشر: 7} وراجع الفتوى رقم: 4588.
أما الحكمة من مشروعية الرجم وعدم الاكتفاء بمضاعفة الجلد فهذا حكم الله جل وعلا: وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ {المائدة: 50}. أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ {التين: 8}. فالله سبحانه أعلم بما يصلح عباده وهو أعلم بهم من أنفسهم: أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ {الملك: 14}. وهو سبحانه أرحم من الوالدة بولدها، وهو أرحم الراحمين، والقسوة أحيانا للتطهير والتقويم وإنما هي في حقيقتها رحمة.
فعلينا أن نوقن بأنه لا حكم أفضل من حكم الله جل وعلا، بل لا يوجد ما يضاهيه أو يدانيه، كما علينا أن نسلم لحكمه سبحانه، ونرضى به ولو لم يتبين لنا وجه الحكمة فيه. وما أحسن قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لما سئلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة. رواه مسلم.
وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 33579، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.