الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحسني ظنك بربك فعسى أن يعوضك الله خيرا من هذا الزوج

السؤال

أنا سيدة طلقت مؤخرا بعد زواج دام شهرين، لم أر منه سوى أسبوع واحد فقط جيد، والباقي نلت نصيبي من المشاكل المستمرة والمتتالية بيني وبين طليقي وبين أهله وبين أهلي، وظلت المشاكل بلا حل، وكل يريد أن يخرج منتصرا وكأنها معركة، حاولت أن تظل المشاكل بيني وبين أهله، ولكنه أبى إلا أن يخبر أهلي بها وهنا كبرت المشكلة وزادت، وكان أهله دائما يقللون من شأني أمامه، وهو يتعمد أن يهينني أمامهم، وكلما أسأله هل تريد البقاء معي يقول لي هل أنت تريدين البقاء معي فأجيبه بنعم، ولكني لا أحصل على أي إجابة منه كأنه يريد مني أن أبدأ أنا بالطلاق، ورغم تهاونه بالصلاة وتقصيره معي وغيابه عن المنزل بالسهر طول الليل ولا أدري عنه، وكان يطلب مني أن لا أوقظه للصلاه نهائيا، وإلا الويل لي رغم أني نصحته كثيرا، وكان يطلب مني الجلوس مع أصدقائه وأن اكون بأزهى حلة لي عند زيارتهم وكنت أقول له بأنه أمر غير جائز، فلتجلس انت مع الرجال وأنا مع النساء فكان يرفض ويقول لي سوف تفضحينني أمام الناس بأني لا أعرف أصول الضيافة، وكان يطلب مني أن أجلس معهم، وكنت أجلس مرغمة وإلا فإنه ستبدأ مشكلة جديدة، وقد مللت المشاكل من بداية حياتي الزوجية، فكنت أنصاع لبعض ما يقوله لي رغم معرفتني بأنه لا يجوز. وعندما كنا في الخارج قال لي إنه سيذهب إلى مرقص وملهى ليلي فقلت له إنه لايجوز وطلبت منه أن أحضر معه لعله يخجل ويعدل عن رأيه وذكرته بغضب الله، ولكنه لم يستمع لي وبالفعل ذهب وذهبت معه، وبعد أن تفقد المكان قال لي لا يوجد به شيء وأنه عادي جدا قلت في نفسي الله اكبر هذا همك من الدنيا. ظللت مهمومه كثيرا لأني ابتليت بزوج لا يخاف الله، وندمت كثيرا لأني لم أستمع لنصيحة أهلي بأن هذا الشاب لا يصلح لك رغم أنهم لم يعرفوا عنه هذه الأمور منذ البداية بل كان رفضهم بناء على أنه من النوع الذي لا يتحمل المسؤولية، ولكني أصررت لأنه تقدم لي مرتين، وكنت اعتقد بأنه سيحافظ علي، ولهذا السبب تقدم لي مرة أخرى، طلبوا مني أن أستخير ولكني لم أستخر بحجة أني أريد الزواج منه، وأنا واثقة منه، ولكني ندمت كثيرا بعدها لعدم استخارتي، وبكيت كثيرا من هذا الزوج، وبعد تحملي للكثير من الكلام الجارح والهموم وتدخل أهله في كل صغيرة وكبيرة بيني وبينه، وكان ينظر إلي بعين أهله أي أنه لا يهمه ما أفعل له، بل أهله ماذا يقولون عني فقط، وأنا كاذبة في نظره، وأني أمثل أمامه وأني غشاشة ومحتالة. بعد أن ضقت ذرعا رأيت أن زوجا كهذا لا يمكن أن يكون أبا لأبنائي، فهو لا يذهب للمساجد ولا يصلي في البيت فكيف سيعلم أبنائي الصلاة والعبادة، فأصررت على طلب الطلاق، وبعد مشورة أهلي وبعد استخارتي أكثر من ثلاث مرات طلبت الطلاق، فوافق على الخلع، وكان يصر أيضا على أن أرجع له المهر كاملا، ولكن المحكمه لم ترض بطلبه.فرحت في بدايه طلاقي لأني تخلصت منه وفررت بجلدي قبل أن أخسر ديني معه، ودعوت الله أن يعوضني خيرا منه، ولكني حتى اليوم وبعد مرور 3 أشهر أشعر بضيق شديد في قلبي، وأنا أحن له كثيرا، فقد تعلقت به كثيرا رغم مساوئه، أفكر أني تسرعت في قلبي وهذا من تعلقي به، ولكن في قرارة عقلي أعلم بأني لا أصلح له، دعوت الله كثيرا أن ينزل علي راحة البال ويطرد عني الوسواس، ولكن قلبي دائما ينبض بشدة وتنفسي أصبح صعبا ولا أرغب في عمل شيء ، ولا أعرف السبب، فهل هذا عقاب من الله على طلبي الطلاق؟ أم أنها فترة حزن وهم على ما جرى؟ وكيف السبيل للراحة النفسية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما كان يجوز لك طاعة زوجك فيما كان يأمرك به من المنكرات كالجلوس مع الرجال الأجانب وإظهار الزينة لهم ومصاحبته إلى أماكن الفجور، فإن الطاعة إنما تكون في المعروف، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: من أرضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس، ومن أسخط الناس برضا الله كفاه الله مؤنة الناس. رواه الترمذي.

فالواجب عليك التوبة من هذه الأمور، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود له، واعلمي أنه إذا كان هذا الرجل على تلك الحال التي وصفت فقد أصبت في طلبك للطلاق منه، بل ما كان ينبغي لك أن تبقي معه على هذه الحال، وراجعي في حكم بقاء الزوجة مع زوجها التارك للصلاة، الفتوى رقم: 5629.

فاطردي عنك وساوس الشيطان، واستعيني بالله وأحسني الظن به، وأبشري خيراً بوعد الله، قال الله تعالى: وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ {النساء:130}، قال القرطبي: أي وإن لم يصطلحا بل تفرقا فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها. الجامع لأحكام القرآن.

وننصحك بالإقبال على الله والاجتهاد في تقوية الصلة به، بتعلم أمور الدين والحرص على صحبة الصالحات، وسماع المواعظ النافعة، وشغل أوقات الفراغ بالأعمال النافعه، ومن أعظم ما يعينك على شفاء صدرك وطمأنينة نفسك، كثرة الذكر والدعاء، فإن للذكر أثراً عظيماً يغفل عنه كثير من الناس، وانظري في فوائد الذكر الفتوى رقم: 95545.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني