الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اشتراط عدم الجمع بين الزوجة وأخرى في السكن وتطليقها عند الضرر

السؤال

تزوجت من قبل ولكن حدث خلاف وطلقتها وتزوجت بأخرى، والآن أريد ان أعيدها ولكن أهلها يشترطون علي بعض الشروط وأن يتم تدوين هذه الشروط بقسيمة الزواج من هذه الشروط * أنه لا يجوز الجمع بين زوجتين في سكن واحد . * أنه يحق للزوجة التي أريد إرجاعها إلى عصمتي الطلاق في حالة الضرر .فهل أقبل بهذه الشروط وأوافق على تدوينها فى قسيمة الزواج، وما هو حكم الشرع في ذلك ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يخلو حال هذه الزوجة التي طلقتها من أحد أمرين، إما أن تكون ما زالت في عدتها وحينئذ فإنك تكون أحق بارتجاعها دون قيد أو شرط، ولا يحق لأهلها أن يمنعوك ذلك، ولا أن يشترطوا عليك شيئا لإرجاعها؛ وذلك لقوله سبحانه: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ { البقرة: 228 } أي: في العدة .

قال القرطبي: وأجمع العلماء على أن الحر إذا طلق زوجته الحرة- وكانت مدخولًا بها - تطليقة أو تطليقتين، أنه أحق برجعتها ما لم تنقض عدتها وإن كرهت المرأة، فإن لم يراجعها المطلق حتى انقضت عدتها فهى أحق بنفسها وتصير أجنبية منه، لا تحل له إلا بخطبة ونكاح مستأنف بولي وإشهاد، ليس على سنة المراجعة، وهذا إجماع من العلماء.

وإما إن تكون قد انقضت عدتها أو كان طلاقها بائنا بينونة صغرى وهذا هو الاحتمال الثاني وكانت هذه هي التطليقة الأولى أو الثانية فإنه يحق لك الزواج منها بعقد جديد وشروط جائزة جديدة.

وحينئذ يأتي النظر في هذه الشروط فنقول:

أما الشرط الأول: فيجوز اشتراطه لأنه شرط موافق لمقاصد الشرع لما تقرر من أن الزوجة لها الحق في المسكن المستقل وأنه لا يجوز الجمع بين زوجتين في مسكن واحد إلا برضاهما على ما بيناه في الفتوى رقم: 56585.

وأما الشرط الثاني: فيجوز اشتراطه أيضا في الجملة, جاء في التاج والإكليل: إذا ثبت للمرأة أن زوجها يضر بها وهي في عصمته فقيل لها أن تطلق نفسها كما تفعل إذا كان ذلك شرطا. انتهى.

وفي شرح مختصر خليل للخرشي: إذا ثبت بالبينة عند القاضي أن الزوج يضارر زوجته وهي في عصمته ولو كان الضرر مرة واحدة فالمشهور أنه يثبت للزوجة الخيار فإن شاءت أقامت على هذه الحالة وإن شاءت طلقت نفسها بطلقة واحدة بائنة لخبر: لا ضرر ولا ضرار فلو أوقعت أكثر من واحدة فإن الزائد على الواحدة لا يلزم الزوج, ومن الضرر قطع كلامه عنها, وتحويل وجهه عنها, وضربها ضربا مؤلما لا منعها الحمام أو تأديبها على الصلاة والتسري, والتزوج عليها. انتهى.

لكن يبقى الحديث عن مقدار الضرر الذي تملك به التطليق والراجح أن الضرر الخفيف لا تملك أن تطلق نفسها لأجله بمجرد فعله مرة واحدة , أما الضرر الفاحش فيبيح طلب الطلاق ولو بمرة واحدة، جاء في البهجة في شرح التحفة: لا بد من تكرار الضرر حيث كان أمراً خفيفاً فإن كان ضرراً فاحشاً كان لها التطليق به ولو لم يتكرر انتهى بتصرف يسير.

وفيها في موطن آخر: والعجب كيف تطلق المرأة نفسها بالمرة الواحدة من تحويل وجهه عنها وقطع كلامه ومشاتمته إلى غير ذلك مما عدوه من الضرر بالمرة الواحدة إذ لا يخلو عنه الأزواج مع أن مسائل مبنية على ثبوت التكرار كالسكنى بين قوم صالحين وبعث الحكمين واختبارهما أمور الزوجين المرة بعد المرة قال : وقد نزلت فاحتج بعض المفتين بظاهر (مختصر خليل) وخالفه غيره فعظم الأمر حتى وصل إلى أمير الوقت فحكم بأنه لا بد من التكرار.

هذا هو حكم الشرع قد بيناه لك أما قبولك بهذه الشروط أو عدم القبول بها فهذا يرجع إليك أنت، وننصحك بالاستخارة والاستشارة في جميع أمورك، وتراجع الفتوى رقم: 2550.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني