السؤال
لقد نذرت في السابق أن لا أتعامل في بعض الأسماك خشية أن يكون مصدرها سرقة، وبعد التحري وسؤال أهل الخبرة وخاصة قباطنة السفن أكدوا لي أن الشركات تسمح للبحارة بالاستفادة من هذه الأسماك من خلال بيعهم لها.
سؤال هو هل يمكنني في هذه الحالة التكفير عن نذري أم أبقى عليه وأبحث عن مصدر رزق آخر. وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما دمت قد تأكدت أن ما يبيعه البحارة مباح فلا حرج عليك في التعامل معهم، ويكون نذرك من باب نذر المباح الذي لا يلزم منه شيء عند جمهور أهل العلم. قال العلامة خليل المالكي في المختصر: وإنما يلزم به ما ندب. يعني أن النذر إنما يلزمه به ما كان مندوبا فعله، والأصل في ذلك ما رواه مالك في الموطإ والبخاري في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه. فأمره صلى الله عليه وسلم بما ندب (الصوم) وترك غيره.
وذهب الحنابلة إلى أن نذر المباح يخير صاحبه بين فعل ما نذر، أو إخراج كفارة يمين قياساً على اليمين.
ونذر ترك التعامل مع البحارة بناء على أن ما يبيعونه حرام (سرقة) لا يصح ولا يلزم منه شيء؛ لأن ترك الحرام واجب أصلا فهو من باب تحصيل الحاصل، والْقُدُومُ على نَذْرِ الْوَاجِبِ هل هو مَكْرُوهٌ أو خِلَافُ الْأَوْلَى كما قال العلماء، ففي حاشية العدوي على الرسالة: فَلَا مَعْنَى لنذر الواجب أو ترك الحرام لِأَنَّ فيه تَحْصِيلَ الْحَاصِلِ وَانْظُرْ حُكْمَ الْإِقْدَامِ عليه وَاسْتَظْهِرْ التَّحْرِيمَ.
والحاصل أن الذي نراه هو مذهب الجمهور، وهو أنه لا يلزمك شيء من النذر المذكور، وإن شئت أخرجت كفارة يمين إذا أردت التعامل مع هؤلاء البحارة، بناء على ما أشرنا إليه من مذهب الإمام أحمد.
والله أعلم.