الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المرجع في النذر إلى نية الناذر

السؤال

أعلم أنكم -جزاكم الله خيرًا- قد وُفِّقتم وكفّيتم في مسألة النذر، لكن حالتي تختلف، وسؤالي دقيق لم أجد له إجابة شافية، حتى في موقعكم المحترم.
ما حدث هو أنني تلفظتُ بنذرٍ مفاده: إن نجوتُ من موقفٍ معيّن، فسأصوم عشرين عامًا متواصلة، عدا أيام العيد المحرَّم فيها الصيام. وقد صمتُ حتى الآن تسع سنوات، وأستطيع الاستمرار، لكن مع مشقةٍ محسوسة (وإن لم تصل إلى حدّ الاستحالة)، لا سيّما أنني في مرحلة الدراسات العليا، وعمري الآن تسعة وثلاثون عامًا.
ظاهر النذر يدلّ على صيامٍ بلا انقطاع، لكن النية غير الملفوظة حينها كانت أن ألتزم بصيام شهرين متتابعين على الأقل في كل مرة، ثم آخذ فترة استراحة، وهكذا حتى أُتمّ عشرين عامًا.
هذه النية بُنيت على اجتهادٍ مني، فقد كنتُ أظنّ أن كفارة الإفطار في رمضان هي صيام شهرين متتابعين، فاستخدمتُ ذلك معيارًا لي، ثم تبيّن لي لاحقًا أن هذه الكفارة تخصّ من جامع في نهار رمضان فقط، وليس من أفطر عمومًا. فهل يجب عليّ مواصلة الصيام بلا فواصل (إلا العيدين)، أم يجوز لي الأخذ بنيّتي غير الملفوظة، فأقسّم العشرين عامًا إلى فتراتٍ تتكون من شهرين أو أكثر، تتخللها أيام راحة، حتى أُتِمَّ العدد؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا نويت ما يخصص عموم لفظ النذر، أو يقيد مطلقه، فإنه يُعمل بهذه النية.

فإذا نذرت الصيام ونويت كيفية معينة للصيام، فإنك تعمل بما نويت؛ وذلك لأن المرجع في النذر إلى نية الناذر، كما أن المرجع في اليمين إلى نية الحالف -ما دام يحتملها اللفظ-.

قال ابن قدامة في المغني: ويرجع في الأيمان إلى النية، وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يتحمله، انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقًا لظاهر اللفظ، أو مخالفًا له. اهـ.

وقال أيضًا: فإن النذر كاليمين، وقد سمّاه النبي صلى الله عليه وسلم يمينًا. اهـ.

و‌قال الخرشي في شرح مختصر خليل: وَيُنْظَرُ ‌في ‌النذر ‌كاليمين ‌إلى ‌النية، ثم الْعُرْفُ، ثم اللَّفْظُ. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني