الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

احذر الوساوس ولا تلتفت لما يعرض لك من شك في خروج شيء منك

السؤال

في البداية أشكركم على هذا الموقع المتميز وأطلب منكم أن تعرضوا أسئلتي على الشيخ، كما أطلب منكم أن تسامحوني على الإطالة وأن تجيبوا عن أسئلتي كاملة فإنني أعاني من الوسواس معاناة شديدة.
يخرج مني دم في الجلد في منطقة قريبة جدا من الفتحة التي يخرج منها الغائط نتيجة وجود حبوب. هل هذا الدم خارج من السبيلين؟ وعند حلق العانة، إذا خرج دم من الخصية أو الذكر (من الجلد حيث يوجد بعض الشعر وليس من مخرج البول. هل هذا الدم خارج من السبيلين؟ من عادتي أن ينزل أحيانا بعد التبول قطرة من البول بعد حوالي عشر دقائق ولكني وجدت مرة خروج قطرة بعد حوالي 25 دقيقة ولم أدر لو أنني استبرأت بعد عشر دقائق بالسلت و دفع ما بالذكر من بقايا البول) هل ستخرج تلك القطرة أم تبقى ولا تخرج إلا بعد مدة طويلة. المشكلة أنني أحيانا في صلاة الصبح أتوضأ مباشرة بعد التبول(أنتظر أكثر بقليل عشر دقائق ثم استبرئ وأستنجي وبعدها مباشرة أتوضأ. هل صلاتي في هذه الحالة صحيحة؟
في السابق كنت متقطعا في الصلاة ثم منذ أكثر من سنة صرت لا أترك أي صلاة والحمد لله. ولكن قبل أشهر كانت عندي حالة وسواس شديدة جدا والآن مع العلاج النفسي بدأت تخف :
المشكلة أنني مع اشتداد الوسواس وضعف الإيمان عندي صلوات لم أصلها (قلت سأصليها عندما يخف الوسواس) فسجلتها كي لا أنسى عددها وهي في الواقع ليست كثيرة جدا ومتفرقة فمثلا لو فاتتني جماعتي الظهر والعصر، ونظرا لأنني كنت أجد صعوبة كبيرة في الصلاة منفردا قد لا أصليهما ثم أصلي المغرب في جماعة. الآن وقد بدأت أشفى أسأل:
هل أقضي الصلوات التي سجلتها أولا أم القديمة علما أنني أظن أن هناك صلوات نسيت تسجيلها؟ وهل عند تركي بعض الصلوات وتسجيلها لأصليها في ما بعد أعتبر قد تركت الصلاة؟ كما أنني نتيجة للوسواس أشك في أنني فعلت أشياء تجعلني كافرا فأتلفظ بالشهادتين . لو فرضنا أنني قد كفرت فهل يقبل إسلامي؟ إذا تركت بعد ذلك بعض الصلوات وقلت سأصليها في يوم آخر؟
اطلعت في هذا الموقع على كيفية القضاء لصاحب الفوائت الكثيرة فإذا كنت نتيجة ضعف الإيمان لا أقضي إلا صلاة أو صلاتين في اليوم فهل تقبل مني ؟ وهل يقبل مني ما أقوم به من أعمال أخرى كقراءة القرآن وطلب العلم (الدنيوي لأهداف أخروية) وصلاة التراويح؟
كما أنني كنت سابقا أقوم بأخطاء في العبادات قد تبطل صلاتي والآن صرت أخاف أن تكون صلاتي غير صحيحة، علما أنني أعتقد أنني الآن لست مقصرا في التعلم بما أنني أحضر مجالس العلم وأقرأ بعض ما في الكتب. لو فرضنا أن صلاتي غير صحيحة هل أنا مأجور مع كل ما ذكرته لكم فنتيجة لهذه الأفكار صرت لا أتحمس لأداء العبادة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنحن أولا نحذرك من الوسوسة والاسترسال معها، وندعو الله لك ولجميع المبتلين بها بالعافية، فعليك أيها الأخ الكريم أن تستمر في مجاهدة هذا الداء، وأن تعرض عن كل ما يعرض لك من الوساوس إلى أن يمن الله عليك بالعافية التامة، وانظر الفتوى رقم: 51601.

وأما عن تساؤلاتك، فإذا كان هذا الدم يخرج من غير السبيلين أي من غير المخرج المعتاد للبول والغائط- كما يفهم من السؤال- فإنه ليس ناقضا للوضوء على الراجح عندنا سواء قل أو كثر، وانظر لبيان نواقض الوضوء المجمع عليها والمختلف فيها الفتوى رقم: 1795.

وأما عن الاستنجاء من البول فإنه إذا غلب على ظنك انقطاع الخارج من البول فإنك تستنجي وتتوضأ ولا تلتفت إلى ما يعرض لك من شك في خروج شيء منك بعد هذا، فإذا تيقنت من انتقاض وضوئك بخروج شيء من البول فإن عليك إعادته بعد الاستنجاء وتطهير الثياب، وأما مع الشك فلا تلتفت إليه لأن بقاء الطهارة هو اليقين، وانظر للفائدة هاتين الفتويين: 112530، 118676.

وعليه فصلاتك صحيحة في ما مضى ولا يلزمك غير ما ذكرناه لك.

وأما تقطعك في الصلاة وتفريطك فيها أحيانا فهو ذنب عظيم وجرم جسيم يستوجب منك التوبة النصوح إلى الله تعالى، والندم على هذا التفريط وتلك الجناية، وانظر لبيان خطر ترك الصلاة الفتوى رقم: 130853 والواجب عليك الآن عند جمهور العلماء هو أن تعرف عدد الصلوات التي تركتها، فإن لم تعرف عددها بيقين فإنك تتحرى وتقضي ما يحصل لك به اليقين أو غلبة الظن ببراءة الذمة، ولا يلزم تعيين نية اليوم المعين في قضاء الصلاة، فلا يلزم أن تنوي قضاء ظهر يوم كذا وإنما يكفيك نية الظهر وتبرأ ذمتك بذلك كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 132808.

وأما شكك في كونك تأتي بما تصير به كافرا فوسوسة لا تلتفت إليها فإن الأصل هو بقاء إسلامك وتوحيدك فلا يزول هذا الأصل إلا بيقين، فحذار من الاسترسال مع أمثال هذه الوساوس.

وأما ما عملته من الطاعات في زمن تركك للصلاة أو مع تقصيرك في القضاء فإنه مقبول إن شاء الله فإن الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا، ومع التوبة النصوح فإن الله تعالى يبدل سيئاتك حسنات ويمحو عنك إثم ما ارتكبته من ترك الصلاة ويذخر لك ثواب طاعاتك، وعليك أن تبادر بقضاء ما عليك إبراء لذمتك وخروجا من عهدة التكليف، وعليك أيضا أن تداوم على حضور مجالس العلم وحلق الذكر لتعبد ربك تعالى على بصيرة وعليك بالإقبال على الله تعالى والاجتهاد في الدعاء بأن يعينك الله تعالى على ذكره وشكره وحسن عبادته.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني