الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابذل جهدك في إصلاحها فإن لم تنته فلا حرج في طلاقها

السؤال

لي زوجة تزوجتها، وأنا أعلم أني تزوجتها عن طريق أحد معارفي، وفي لحظة متسرعة، وفى ظروف معينة كنت أقاسيها في ذلك الحين؛ لأني كنت شبه أعاني من البطالة، وهي كانت تقيم مع أهلها في إحدى الدول العربية، والشخص الذي أعرفه قد قال لي إن هذه فتاة متميزة داخل وخارج المنزل ومؤدبة وذات خلق، وشكر في أهلها، وأطال الشكر، وكنت قد سافرت إلى بلد آخر وتوقف الموضوع لفترة، ولكن بحكم محبتي لهذا الشخص كنت على اتصال به دائما، وفي إحدى المرات أخبرني بأن موضوع الزوجة المقترحة مازال على النقاش، وسألني إن كنت مازلت أرغب في الارتباط معها، ومختصر ما بعده أن أعطاني هاتف والدها المقيم بدولة عربية أخرى غير الدولة التي أعمل بها، وبالفعل اتصلت به وتعرفت عليه، وتعرفت بعد فترة على زوجتي في حينها، ووجدنا اقترابا فيما بيننا في الطباع، وبالفعل صرنا على اتصال دائم عن طريق النت وبمعلومية أهلها، حتى أرسلت لي صورا في يوم من الأيام فوجدت أنها مقبولة الجمال، ولا ترقى عن نسبة صغيرة من الجمال، وتحدثت إلى نفسي بتركها، ولكن أقنعت نفسي بأن ليس من أحد إلا وفيه عيوب وأخطاء، وبالفعل مضى وقت آخر، وصارت تحكى لي أشياء أخرى عن إخوتها وسوء خلقهم مع والدها ووالدتها وحتى معها هي أيضا، ولكن وعدتني بأنها ستكون لها حياتها المستقلة عنهم، ولا علاقة لها بهم، وبعد فترة وجيزة نزلنا مصر هي من البلد الذي تقيم فيه، وأنا كذلك وتعرفنا وتعارف الأهل، وبعد فترة عقدنا الكتاب، وأقنعوني بالانتقال معهم للبلد الذي يعملون فيه للعمل، بدأت البلد ووجدت فرصا ناجحة هناك فقلت نعم وذهبت، وبعد شهور رجعنا مصر وأتممنا الزفاف، وانتقلنا للعيش معا بهذه البلد، وبدأت الحياة ما بعد الزوج فوجدت الإهمال يملؤ حياة زوجتي، وكنت لاحظت ذلك قبل الزفاف، ووعدتني بأننا عندم ننتقل لبيتنا المستقل سيختلف الأمر، وبالفعل انتظرت فما وجدت إلا إهمالا فإهمالا أكثر، وكانت هذه بداية خلافاتي معها، وبعد فترة فقدت الأمل في إصلاحها، فسكت وسرعان ما بادرت هي بابتداع المشاكل، وصار وجودها ببيت أهلها هو أسعد لحظات حياتها، فلا يمر يومان إلا وتريد الذهاب إليهم رغم إقامتنا بعيدا عنهم، دون أن تراعي تعبي بعد يوم طويل من العمل متحججة بأنها زهقت وتعبت من الجلوس لوحدها، وازداد إهمالها بعد أن وضعت طفلتنا وصارت تتعصب، وتبدي النقمة من حياتنا وصارت منزعجة وعصبية، وبنهاية السنة الأولى تقريبا وعلى إثر نقاش حاد بيني وبينها أخطات بالقول في حقي بلفظ جارح، فعلا صوتي عليها دون أن ألمسها فسرعان ما اتصلت بأهلها الذين جاءوا وبعد نقاش حاد أخذوها ونتيجة لشكى بهم غيرت أقفال الشقة، وجاؤوا في وقت لاحق ووجدوها مغلقة عند تواجدي بالعمل، فما كان منهم إلا أن أتوا بذات اليوم وهاجموني وكسروا أغراض الشقة، وقامت الزوجة بالتطاول علي لفظا ووالدها كذلك، ومر وقت وأخذوا ما تبقى لها من أغراض ورحلوا، وراحوا يتناسون خلافي معها الرئيس حول إهمال الزوجة لبيتها ونفسها، وحوروا المشاكل والأكاذيب حولي، ونشروها بين من حولهم حتى أوصلوها لأهلي ببلدنا مصر.
المهم بعد فترة اتصل وسيط للاصلاح وذهبت إلى بيته، وكان قد رتب لحضور زوجتي ووالدتها وأخيها وأختها، وحضر الجميع النقاش، وأثناء التحاور قام أخو الزوجة بالتطاول علي لفظا وهاجمني والتحقت به أخت زوجتي وزوجتي، وحتى الأم قذفتني بلفظ يخدش الحياء، وراح الجميع وكأنهم مع احترامي للفظ .... التفوا حول فريسة .ومضت أسابيع حتى أقنعني نفس الوسيط بالذهاب لأهلها والتصالح المباشر، وبعد ضغط وافقت وذهبت وبعد حوار طويل وجلسة عرب تصالحنا وقرأنا الفاتحة على أن تعود الزوجة ثاني يوم، وفي ثاني يوم رفضت الزوجة العودة، وقالت ليس لى دخل فيما اتفقتم عليه، ولم يمض سوى أسبوع حتى أقامت دعوى طلاق للضرر متعللة بأسباب واهية، وبعدها انتظرت للذهاب للمحكمة، وقبل الجلسة بيومين أجرت الزوجة اتصالات وأبدت بعدها الندم، وأرادت العودة والتنازل ووافقت رغم كل ذلك وصونا لحياة الطفلة، رجعت وظننت أن نيتها الخير، ولم يمض سوى أسبوعين حتى فجرت الخلافات بنفسها، وصارت أقبح مما مضى، وذهبت لبيت والدها مرتين غاضبة، وأنا أراجعها ناهيك عن المشاكل اليومية التى تحدث حتى كان بداية هذا الشهر وبالتحديد 3-4-2010 وإذا بها طوال هذا اليوم ترسل لي رسائل بأنها كرهت الحياة معي وتفضل الذهاب لأهلها حتى أن وصلت للمنزل بعد يوم العمل، وصارت تحاول الاحتكاك بالكلام معي لتحدث مشكلة، فصارت تعيد في القديم حتى علا صوتها، وقالت أريد الطلاق، فقلت لها كما تريدين، وبعد نقاش قامت بطريقة هيستيرية لتكسر صورة الزفاف، وبعد نقاشي معها أخطات فيّ بلفظ قبيح جدا ونجحت في استثارتي، فرددت عليها فكان الفرج بأن استدعت أهلها واتصلت بالشرطة ثاني يوم لتدعى علي كذبا بعد أن رحلت لبيت أهلها واكتشفت أنها أخذت أغراضي الخاصة من الأوراق ومنها حصالة نقود.
أفيدوني ما رأيكم بهذه الزوجة وأهلها؟ وهل يقع علي إثم أن تسببت بطلاقها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأصل في الحياة الزوجية أن تقوم على التفاهم بمعرفة كل من الزوجين ما له من الحقوق وما عليه من الواجبات، ليتحقق استقرار الأسرة، الذي هو أساس الحياة الزوجية.
وجماع هذا كله أن يكون الدين هو الأساس في معاملة الزوجين أحدهما للآخر، وإلا انفرط النظام، وتشتتت الأسرة، وضاع الأولاد.

أما بخصوص زوجتك فلا شك أنها قد أساءت وعصت ربها وتعدت حدوده بما كان منها من تقصير في حقك وإساءة إليك على حسب ما ذكرته في رسالتك، وهذا الذي حدث منها نشوز بلا خلاف لأن تطاولها عليك وخروجها من بيتك دون إذنك كل هذا من صور النشوز، والنشوز يسقط حق الزوجة في النفقة والسكنى ونحو ذلك كما بيناه في الفتوى رقم: 77560 .

وقد سبق بيان حكم الناشز وكيفية التصرف معها في الفتوى رقم: 9904 .

وإنا لننصحك بأن تبذل معها محاولة أخيرة لاستصلاحها وتذكيرها بحقوق الله عليها وحقوق الزوج، وذلك حفاظا على مصلحة الأسرة ومصلحة ابنتكم، ويمكن أن توسط بينك وبينها بعض أهل العقل والخير من أقاربها أو من سواهم، فإن استجابت فبها ونعمت، وإن استنفدت معها هذه المراحل ولم تنته عما هي فيه فلا حرج عليك في طلاقها، بل لعل طلاقها هو الخير؛ لأنه لا يستحب إمساك مثل هذه المرأة. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة يدعون الله عز وجل فلا يستجاب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه، و رجل آتى سفيها ماله. رواه الحاكم وغيره، وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين. والمعنى أنه إذا دعا عليها لا يستجيب الله له لأنه المعذب نفسه بمعاشرتها وهو في سعة من فراقها.

قال ابن قدامة في المغني: وربما فسدت الحال بين الزوجين فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة وضرراً مجردا بإلزام الزوج النفقة والسكن وحبس المرأة، مع سوء العشرة والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح لتزول المفسدة الحاصلة منه. انتهى.

هذا، ويجب التنبه إلى أن قولك لها كما تريدين جوابا لقولها أريد الطلاق يعتبر من كنايات الطلاق، فإن كنت تقصد بذلك إيقاع الطلاق فإنه يقع، وإن لم تقصد إيقاعه فلا شيء عليك. وتراجع الفتوى رقم: 3174.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني