السؤال
سؤالي بخصوص الحديث الشريف: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. طالما سمعت أن هذا الحديث صحيح، ولكن مؤخرا سمعت أحد الدعاة الشباب المشهورين على شاشة التليفزيون يقول إن هذا الحديث مروي بعدة طرق وكلها فيها ضعف، وقرأت أيضا مقالة لشخص يدعي أنه باحث في جامعة الأزهر وقال نفس الكلام الذي قاله الداعية، ولأني أحس أنهم ليسوا على علم كبير أردت التأكد من صحة ما قالوا. مقالة الباحث كانت بعنوان: حق الزوج على زوجته كذبة كبرى لاستعباد الزوجة. والباحث اسمه نهرو عبد الصبور طنطاوى. ومقالته هذه والتي قال فيها بضعف الحديث المذكور منشورة على النت أرجو الاطلاع عليها.
أرجو توضيح ما إذا كان كلامهم هذا يمكن قبوله واشتماله على شيء من الصحة أم أنه خطأ وافتراء على أحاديث الرسول بغير علم ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما الحديث المسؤول عنه فقد بينا صحته من قبل، ويمكنك أن تراجعي في ذلك فتوانا رقم: 48461.
وأما المقالة التي هي بعنوان: حق الزوج على زوجته كذبة كبرى لاستعباد الزوجة فإنها –في الحقيقة- مقالة ساقطة؛ إذ كيف ينكر مسلم يقرأ القرآن أن يكون للزوج حقوق على زوجته كما لها هي حقوق عليه. قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ. {البقرة: 228}.
وقد أوجب الشرع على الرجل أن يعاشر زوجته بالمعروف. قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ. {النساء: 19}.
قال ابن كثير في تفسيره: أي طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم كما تحب ذلك منها، فافعل أنت بها مثله، كما قال تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف. انتهى.
وقال أبو السعود في تفسيره: وعاشروهن بالمعروف. خطاب للذين يسيئون العشرة معهن، والمعروف ما لا ينكره الشرع والمروءة، والمراد ههنا النصفة في المبيت والنفقة والإجمال في المقال ونحو ذلك. انتهى.
وقال الألوسي في روح المعاني:{ وَعَاشِرُوهُنَّ } أي خالقوهن { بالمعروف } وهو ما لا ينكره الشرع والمروءة، والمراد ههنا النصفة في القسم والنفقة، والإجمال في القول والفعل. وقيل: المعروف أن لا يضربها ولا يسيء الكلام معها ويكون منبسط الوجه لها، وقيل: هو أن يتصنع لها كما تتصنع له. انتهى.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي.
وقال صلى الله عليه وسلم: أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم. رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح.
وفي الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: استوصوا بالنساء خيراً.
فإذا كان الرجل مأمورا بأن يكون مع زوجته على هذه الحال فكيف لا يكون له عليها حقوق؟ وما الضرر على المرأة في أن تطيع زوجها في المعروف؟ وما وجه الاستعباد في أن يكون بين الزوجين حقوق متبادلة؟
وليعلم هذا الشخص أن إنكار ما صح من السنة بغير تأويل معتبر ضلال وابتداع في الدين.
والله أعلم .