السؤال
أنا متزوجة ولدي ابن، ومنذ مجيء ابننا إلى الدنيا تغيرت علاقتي بزوجي تماما، وأصبحت المشاكل كثيرة بيننا، حيث إنه في كل مرة يسمعني كلاما جارحا ـ وكمثال على ذلك يقول: أنت وابنك بلاء ربنا ابتلاني به. فما هي نصيحتكم؟ وهل يمكنكم أن تفيدوني بمقالات عن سوء معاملة الزوجة مدعمة بأحاديث وآيات قرآنية؟ وإن زادت الأمور عن حدها، فهل يحق لي الخلاص وطلب الانفصال؟ ملاحظة: وآسفة على قول هذا ـ حتى العلاقة العاطفية أو الشرعية بيننا غابت منذ شهر ونصف.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أمر الله سبحانه الأزواج بمعاشرة أزواجهم بالمعروف، فقال سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ. {النساء:19}.
قال ابن كثير في تفسيره: أي طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم كما تحب ذلك منها فافعل أنت بها مثله، كما قال تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف. انتهى.
وقال أبو السعود في تفسيره: وعاشروهن بالمعروف ـ خطاب للذين يسيئون العشرة معهن، والمعروف ما لا ينكره الشرع والمروءة، والمراد ههنا: النصفة في المبيت والنفقة والإجمال في المقال ونحو ذلك. انتهى.
وقال الألوسي في روح المعاني: وَعَاشِرُوهُنَّ ـ أي خالقوهن ـ بالمعروف ـ وهو ما لا ينكره الشرع والمروءة والمراد ههنا النصفة في القسم والنفقة والإجمال في القول والفعل. وقيل: المعروف: أن لا يضربها ولا يسيء الكلام معها ويكون منبسط الوجه لها. وقيل: هو أن يتصنع لها كما تتصنع له. انتهى.
وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي. وقد قال صلى الله عليه وسلم: أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. وفي الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: استوصوا بالنساء خيراً.
ومن المعاشرة بالمعروف أن يوفي الرجل حق زوجته في الفراش بقدر حاجتها وقدرته، فقد سئل ابن تيمية ـ رحمه الله ـ عن الرجل يترك وطء زوجته الشهر والشهرين، فهل عليه إثم؟.
فأجاب: يجب على الزوج أن يطأ زوجته بالمعروف، وهو من أوكد حقها عليه: أعظم من إطعامها. والوطء الواجب قيل: إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة، وقيل بقدر حاجتها وقدرته، وهذا أصح القولين. انتهى.
ومن هنا يتبين أن ما يفعله زوجك من إيذائك بما ذكرت وهجر فراشك يخالف ما أمرت به الشريعة المطهرة وفعله هذا معصية وظلم.
ومع ذلك، فإننا ننصحك بالصبر على زوجك ومحاولة تأليف قلبه ومعرفة السبب الذي غيّر تعامله معك، ونحذرك من التسرع في طلب الطلاق والانفصال، لكن إن استنفدت الطرق والأسباب لاستصلاح زوجك وأصر على إيذائك، فحينئذ يجوز لك طلب الطلاق منه. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 130170.
وتراجع الحقوق المشتركة بين الزوجين في الفتوى رقم: 27662.
والله أعلم.