السؤال
عند حدوث خلاف بينى وبين زوجتي ذهبت إلى المحاكم المختصة، وكذبت علي واصطنعت افتراءات يعلم الله براءتي منها بالكلية، وذلك لتسهيل طلب طلاقها دون فقدانها أيا من مستحقاتها، ولدفع النشوز عنها، بل حلفت أيمانا مؤكدة أنها لا تقول إلا الحق. ويعلم الله عز وجل كذبها. وسؤالي: ما رأي الدين في مثل هذه الزوجة؟ وهل يجوز أن أستخدم نفس سلاح المكر معها دون إغضاب رب العالمين لمنعها من أخذ ما لاتستحق عند الطلاق. أفيدوني يرحمكم الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما قامت به زوجتك من اتهامك أمام القضاء بالباطل والبهتان أمر محرم لأن عرض المسلم مصون شرعا، ولا يجوز اتهامه بما هو بريء منه. قال الله سبحانه: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا. {الأحزاب : 58}.
قال ابن كثير: { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا }. أي: ينسبون إليهم ما هم بُرَآء منه لم يعملوه ولم يفعلوه، { فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا }. انتهى.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه. رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال وليس بخارج. رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني. وردغة الخبال هي عصارة أهل النار.
وإنا لننصحك بالعفو عن زوجتك والصفح عنها ومقابلة إساءتها بالإحسان، فقد ندب الله سبحانه عباده إلى العفو والصفح بقوله: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ. {النور:22}. وقوله جل وعلا: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ. {الشورى:40}.
ولكن إن نشزت عليك وأرادت مفارقتك دون سبب فلا حرج عليك أن تعضلها بأن تمتنع عن طلاقها حتى تفتدي منك كما بيناه في الفتوى رقم:76251.
ولكن كذبها عليك واتهامها لك بالباطل لا يسوغ لك مقابلة ذلك بمثله، فإن كلا من الخيانة وقول الزور محرم على كل حال، ولكن إن احتجت إلى شيء من الحيلة والتعريض لأخذ حقك فلا مانع من ذلك كما بيناه في الفتوى رقم: 35822.
والله أعلم.