السؤال
أحبتي في الله، أُشهد الله أني أحبكم فيه، وأرجو الله أن يبارك في أعماركم وأعمالكم، وأن يجمعنا في الفردوس جوار نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.سؤالي أحبتي الكرام عن معنى الحديث: أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما. فقد أشكل علي فهمه، فأنا أعلم أن الحب في الله من أعظم الأعمال التي يثاب عليها المسلم، فهل إذا أحببت أخا لي في الله، هل علي أن أكون على حذر منه عسى أن يكون بغيضي يوما ما، وهل كان الصحابة رضوان الله عليهم يتعاملون مع بعضهم على هذا الأساس أي بحذر. فأنا أرى أن هذا سيكون عائقا دون الارتقاء في سلم المحبة بيننا، خاصة إذا كان الواحد منا لديه أخ عزيز يتشاركان الأفراح والأتراح ويتناصحون بقلوب مخلصة. فالإنسان يكون أسعد ما يكون عندما يرزقه الله بأخ بمثل هذه المواصفات... أرجو منكم التوضيح، وأطلب منكم بكل لطف أن لا تحيلوني على فتوى سابقة؟ وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث المذكور قد ضعفه كثير من أهل العلم، وبعضهم صححه، وبعضهم حسنه وبعضهم صححه موقوفاً على علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال العجلوني: .. وقد رمز السيوطي لحسنه ولعله لاعتضاده وإلا فقد تكلموا في كثير من رجاله. كشف الخفاء.
وقال الدارقطني: والصحيح عن علي موقوفاً. العلل للدارقطني. وعلى كل حال فالمعنى المشار إليه في الحديث معنى صحيح، وليس فيه ما ينافي الارتقاء في درجات الحب في الله، فالحب في الله من لوازم الإيمان ومن علامات صلاح القلب، ومن أفضل القربات إلى الله، كما أن من سعادة المرء أن يرزقه الله بإخوان يحبهم في الله ويحبونه، لكن المقصود من الحديث النهي عن المبالغة والإفراط الشديد في الحب، وليس المراد أن يكون المرء منقبضاً حذراً من أخيه سيء الظن به، بل الأصل في المسلم سلامة الصدر وإحسان الظن بإخوانه المسلمين وإخلاص المحبة وصفاء الود لهم، لكن اندفاع العواطف حباً وبغضاً إذا جاوز الحد فهو مذموم، ولا شك أن القصد والاعتدال في الأمور مما يوافق الشرع، ومن أسباب طمأنينة النفس وانشراح الصدر، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 137978.
والله أعلم.