السؤال
هل نأثم بقطع صلة الرحم مع أختي فإن أختي -هداها الله- كذابة ودائما تتحالف مع الغريب ضدنا جميعا وإضافة إلى ذلك لا تسمع نصائحنا لها أنجبت أولادا وبنات سيئي الأخلاق إلى أبعد الحدود، أحد أبنائها قام بسرقة بيتنا وهو تعدى العشرين سنة من عمره فأولادها سارقون ولواطيون أعاذنا الله وإياكم ونحن محتارون بماذا نعاملها فهي لم تدع لنا مجالا لمحبتها أو نشعر بأنها أخت، ودائما نخاف من قطع صلة الرحم ولكن عند ما نرى مواقفها وتربية أبنائها وبناتها فإن الحقد والكره تجاهها يملؤنا. والله مرات أتمنى أن تموت حتى نخلص من عارها وعار أبنائها وبناتها فما الحل لذلك؟ والله عجزنا فيها فأنا قطعت صلتي بها لهذا الأسباب وليس قطعا فعليا فأنا أدعو لها والله ولكن لا أريد أن تزورنا أو نزورها. فهل نأثم على ذلك فنحن الحمد لله عائله محافظة لا نرضى بالخطأ ولكن أختي هي بؤرة الخطأ، والفساد متجمع فيها وفي بناتها وأولادها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أمر الشرع بصلة الرحم ونهى عن قطعها ، ولم يمنع من صلة القريب الفاسق بل ولا المشرك ، كما بيناه في الفتوى رقم: 66144.
لكن هجر القريب العاصي يدور مع المصلحة ، فإن كان هجره يفيد في ردّه إلى الصواب فهو أولى ، وإن كان الأصلح له الصلة مع مداومة النصح فهو أولى. وانظر الفتوى رقم: 14139.
وإن كانت الصلة تعود بالضرر في دين وخلق وحال الواصل فلا تجب عليه الصلة بالقدر الذي يتضرر منه، فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية، والخلاصة أن عليكم صلة أختكم بما لا يعود عليكم بالضرر في دينكم أو دنياكم.
فإنّ الشرع لم يحدد لصلة الرحم أسلوباً معيناً أو قدراً محدداً، فتحصل الصلة بالزيارة والاتصال والسلام وكل ما يعده العرف صلة، ومن أعظم الصلة لهذه الأخت وأولادها نهيهم عن المنكر وأمرهم بالمعروف وإعانتهم على الاستقامة ، وننبه إلى أنه ينبغي للمؤمن أن يتسع قلبه رحمة ورأفة للعصاة ، ويرجو لهم الهداية والتوبة ، ولا ينافي ذلك إنكاره للمنكر وبغضه للمعصية ، فإنه لا يكره العاصي لذاته ، وإنما يكرهه لما تلبس به من المعصية.
قال ابن القيم في مشاهد الناس في المعاصي: أن يقيم معاذير الخلائق وتتسع رحمته لهم ، مع إقامة أمر الله فيهم ، فيقيم أمر الله فيهم رحمة لهم ، لا قسوة وفظاظة عليهم. طريق الهجرتين.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 125111، والفتوى رقم: 112462.
والله أعلم.