السؤال
لقد قرأت كثيرا عن عظم حق الرجل على المرأة، ولكن سؤالي هو: ما مدى حق الرجل في التدخل في أمورها الشخصية؟ وهل المرأة مجبرة أن تطيع زوجها فيما تكره إذا لم يتعلق الأمر بالفراش؟ فكلما تناقشت مع زوجي نهاني بحجة حقه بالطاعة المطلقة فأين شخصية المرأة ورأيها؟ مع العلم أنني لا أعترض على قوامة الرجل لأنني متأكدة أن الله أعلم منا ويعرف ما هو أفضل لنا، ولكن المشكلة أن مفهومي للقوامة يختلف عن مفهوم زوجي فهي في رأيه تعطيه الحق ليفرض كل ما يريد ومهما كان وفي كل الأمور وأنا أظن أنها لا تتعلق بكل كبيرة وصغيرة في حياة المرأة وتحول الزوجة إلى أمة في منزل زوجها.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا ريب أنّ حقّ الزوج على زوجته عظيم وأنّ طاعة المرأة لزوجها في المعروف وحسن تبعلّها له من أسباب دخولها الجنّة، لكن طاعة المرأة لزوجها ليست طاعة مطلقة، وإنما هي طاعة مقيدة بقيود الشرع وآدابه فهي لا تكون فيما خالف الشرع ولا تكون فيما يضر بالمرأة، أو فيما فوق طاقتها كما أنها لا تجب إلّا في أمور النكاح وما يتعلق به، كما بيناه في الفتوى رقم: 144069.
وننبه إلى أن الأصل في علاقة الزوجين التوّاد والتراحم والتفاهم ومراعاة كلٍّ منهما لظروف الآخر، وأن قوامة الرجل لا تعني تسلطه وتجبره على المرأة وإساءة عشرتها، أو مسخ شخصيتها ومصادرة رأيها، وإنما القوامة تعني رعاية المصالح الدينية والدنيوية وتقتضي الرحمة والإحسان، قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ : وقال ابن عباس: الدرجة إشارة إلى حض الرجال على حسن العشرة، والتوسع للنساء في المال والخلق، أي أن الأفضل ينبغي أن يتحامل على نفسه، قال ابن عطية: وهذا قول حسن بارع.
و الله أعلم.