السؤال
هل التائب من الذنب ولم يقدر على رد الحقوق المعنوية لأصحابها لرفضهم قبول المسامحة ليس لتكبر التائب، هل يقبل منه الأعمال الصالحة التى يقوم بها ابتغاء مرضاة الله؟ وهل يقبل منه التوبة لو كانت توبته بعد فضيحة وبعد نزول عذاب عليه؟ وهل يعتبر هذا العذاب تكفيرا لذنبه؟ أم هو له خزي في الدنيا ويوم القيامة يرد لأشد العذاب، حتى لو كان يحاول اتقاء الله فيما بقي من عمره بعد التوبة بالأعمال الصالحة، والتقرب من الله، وتدارك ما فاته من تقصيرة فى حق الله، ولكنه لم يستطع رد حقوق العباد الذين لم يريدوا المسامحة؟ وماذا عليه أن يفعل ليقابل ربه بحسنات ترضي ربه عنه وتقيه عذاب النار؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبه أولاً إلى أنه ليس من مكارم الأخلاق ولا محاسن الشيم أن يعتذر الشخص المذنب لأخيه ويتحلله من مظلمته ثم لا يعفو عنه، وقد ورد ما يدل على الوقوع في الإثم بذلك، ولتنظر الفتوى رقم: 48026.
ولقد أحسن من قال:
قيل لي قد أساء إليك فلان * ومقام الفتى على الذل عارُ
قلت قد جاءنا فأحدث عذراً * دية الذنب عندنا الاعتذارُ
وأما هذا التائب فليطلب العفو ممن له حق عليه، وليذكره الله تعالى وفضل العفو والمسامحة، وليوسط في ذلك من تقبل شفاعته لدى هذا الرجل، فإن أبى وامتنع فقد فعل ما عليه، والله لا يكلف نفساً إلا وسعها، فليجتهد في مرضات ربه، وليكثر من فعل الحسنات الماحية للسيئات، وليطلب العفو والصفح من الله تعالى، وليستغفر لهذا الذي أساء إليه، وليبشر بالخير والفضل من الله تعالى في الآخرة، فإنه تعالى ذو الفضل العظيم، وقد وسعت رحمته كل شيء.
وأما ما حصل له من المصائب والفضيحة فهو مع صدق التوبة مما يرجى أن يكون كفارة لذنوبه ورفعة لدرجاته في الآخرة، وأما أعماله الصالحة التي يعملها فإن الله تعالى يقبلها متى استوفت شروط قبول العمل ولا يضيع ثوابها، فإن الله تعالى لا يضيع أجر المحسنين، وليجتهد هذا التائب في فعل الفرائض والإكثار من النوافل ومجانبة ما يسخط الله تعالى فإن هذا هو سبيل الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.