الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصبر على الحجاب والنقاب ولا مجاملة للخلق فيه

السؤال

أنا تونسية وأعمل أستاذة جامعية وزوجي تارك للصلاة منذ سنوات طويلة يصلي أحيانا في رمضان ثم يترك وبعد الثورة صلى يومين ثم ترك من جديد ولا يقرأ القرآن ـ ربي يهديه ـ وأنا مقتنعة أن النقاب فرض فلبسته بعد الثورة وأنا أعمل به الآن، ولكن زوجي يرفضه بشدة وكل من حولنا يرفضونه، وكل يوم يسمع تعليقا لاذعا من أحدهم حتى أصبح يمنعني من الخروج لقضاء حوائجي ويمنعني من العمل، منعني من أن أحمل أبنائي إلى دروس في المسجد وإلى الجمعية لحفظ القرآن، وهو لا يهتم بأبنائه دائما مع أصدقائه في المقهى، أو يتفرج على التلفاز، أو على الفايسبوك، لا يتحمل مسؤولية وأغلب المسؤوليات على عاتقي من شراء لوازم البيت والأطفال وما أحتاجه صبرت عليه سنين ليتغير حاله ويرجع إلى ربه، لأن فيه الخير والطيب وذو خلق وكل الناس يحبونه، ولكن خيره في الغير وآخر شيء يفكر فيه امرأته وأبناءه ومنزله، نعيش ضياعا وتشتتا ـ والله المستعان ـ حاولت أن أكلمه دون جدوى حاولت أن أكلم أناسا صالحين ليكلموه دون جدوى جميع محاولاتي تبوء بالفشل والآن بعد ما لبست النقاب أصبح عصبيا ودائم التكشير وعلاقتنا أصبحت متوترة، أفكر في هجره في منزل أمي لعله يرجع إلى صلاته ويتركني وشأني في نقابي، فما هو رأيكم؟ علما بأنه متأثر بعائلته التي ترفض النقاب رفضا فظيعا حتى إن خاله أتاه إلى المقهى ونعته بأنه ليس برجل، لأنه يسمح لامرأته أن تخرج هكذا وفضحه في المقهى وكثير من الكلام الجارح حتى إن خاله شن حملة على المنتقبات ببعث رسائل على الجوال لكل الناس لمحاربة المنتقبات لعلهم يحملون السلاح وراء ما يلبسونه، تخيلو، وأنا متأكدة من أنه إذا لم يسمع هذه التعليقات من أصدقائه وأقاربه سيتركني ويقبل بالوضع حتى ولو كان يرفضه ولكن يخاف على مشاعر من حوله، لأن هناك من يخاف من المنتقبة ويرى النقاب تطرفا وتزمتا وتعصبا، فماهو الحل؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الصلاة هي عماد الدين والصلة بين العبد وربه وتركها منكر عظيم وإثم كبير حتى إن من أهل العلم من ذهب إلى أن من ترك الصلاة ولو كسلا وتهاونا خرج عن ملة الإسلام، والجمهور على خلاف ذلك والمقصود بيان خطورة الأمر، ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 1145.

وأما تغطية الوجه فإنها واجبة على الراجح من أقوال الفقهاء، وراجعي أدلة الترجيح بالفتوى رقم: 5224.

وإذا كانت تغطية الوجه واجبة فلا تجوز لك طاعته إن منعك من ذلك، ففي الصحيحين عن علي ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما الطاعة في المعروف.

وفي مسند أحمد عن عمران بن حصين ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة لمخلوق في معصية الله.

وعلى كل، فينبغي الاستمرار في نصح هذا الرجل وتذكيره بالله تعالى وخاصة فيما يتعلق بترك الصلاة فإن تاب إلى الله وأناب فالحمد لله، وإلا كان لك الحق في طلب الطلاق، لأن فسق الزوج من مسوغات طلب الطلاق في قول بعض أهل العلم، كما بينا بالفتوى رقم: 37112.

لكن لا ننصحك بالمسارعة إلى طلب الطلاق وعليك بالتريث والصبر، فإن عاقبته خير، وأما خاله والذي ذكرت أنه يقوم بالتحريض ضد المنتقبات فينبغي أيضا نصحه وتحذيره من مغبة مثل هذا الفعل في الدنيا والآخرة، وتستر أهل الإجرام بالنقاب أو غيره من الأمور الشرعية لأجل ارتكاب جريمتهم لا يسوغ أبدا شن الحرب على هذه الأحكام الشرعية، أو المطالبة بتركها وإلا لأدى ذلك إلى تعطيل كثير من الأحكام وهذا من الضلال المبين، وراجعي الفتوى رقم: 4484.

ونوصي الأخوات في هذا البلد بالصبر على الحجاب والنقاب وعدم مجاملة الخلق فيها وأن يبين أن هذا واجب شرعي أولا وحق شخصي ثانيا، وأن الثورة التي قامت في بلادهن نادت بالحرية والكرامة الإنسانية، فترك المسلمات وما يعتقدن من مقدمة هذه الحريات.

ونذكر هذا الزوج وأمثاله بما روى الترمذي عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من التمس رضاء الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضاء الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني