الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إمساك الزوجة التائبة ليس من الدياثة

السؤال

إحدى قريباتي متزوجة منذ 12 سنة كانت لها علاقات مشبوهة من دون علم زوجها، وعندما علم بذلك كاد أن يطلقها، لكنها حاولت استسماحه، وأنها تابت ولن تعود للذنب ولم تكن صادقة ورجعت مرة أخرى لنفس الذنب بعد سنين طويلة وقد اكتشف زوجها ذلك وقد طردها من البيت وذهبت إلى بيت أهلها وقد أحست بذنبها وحاولت استسماحه، ووعدته أنها لن تكرر ذلك أبدا وأنها تابت توبة نصوحا هذه المرة وهي صادقة فعلا في ذلك والتزمت بأمور دينها وبالصلاة وقد سامحها لكن أحد إخوانه علم بذلك وأخذ يصر على زوجها بتطليقها وأنه يعتبر ديوثا وقام بفضحها بين أهل بيته وأمه وأبيه وإخوته الباقين ووقف الكل ضدهم ويريدون تطليق الزوجة وهو عفا عنها وسامحها لوجهه الله ولأولاده ولأن من بينهم طفل معاق لا أحد يستطيع رعايته وتحمله غيرها، إذ يحتاج متابعة دائمة، لأنه موصول بأجهزة أكسجين وغيره، والآن تسأل هل زوجها فعلا ديوث لأنه سامحها بعد أن تابت وتعهدت له بعدم الرجوع؟ وهل يعتبر فعله عقوقا بوالديه؟ وهل إخوته بفعلهم وفضحهم لها يعتبر أمرا صحيحا؟ وماذا يفعل الزوج؟ وهل يطلقها أم يمسكها؟ وللعلم فإنه ليس لديها أحد تذهب إليه سوى أخت لها لم تكن ترغب أن تعود إلى الزوج وقطعت علاقتها بها عندما عادت إلى زوجها.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما دامت هذه الزوجة قد تابت وظهرت عليها علامات الاستقامة فلا حرج على زوجها في إمساكها، فإن التوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، ولا يكون داخلا في الدياثة بإمساكها، فإن الديوث هو الذي يقر الخبث في أهله ـ والعياذ بالله ـ بل إن إمساك زوجته في هذه الحال أولى من طلاقها، وينبغي النظر إلى سلوكها وما هي عليه الآن، لا ما كانت عليه، لا سيما إذا رزق منها بذرية، والله تعالى يقول: فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء: 19 }.

ولا ينبغي لأهله أن يحرضوه على طلاقها بعد توبتها، بل يخشى عليهم أن يكونوا بذلك واقعين في الإثم، فإن السعي للتفريق بين الزوجين محرم، قال ابن تيمية: فسعي الرجل في التفريق بين المرأة وزوجها من الذنوب الشديدة، وهو من فعل السحرة، وهو من أعظم فعل الشياطين.

وليعلم أن طاعته لوالديه في طلاقها غير واجبه ولا يكون عاقا بمخالفته لهما، ما دامت قد تابت إلى الله تعالى كما بيناه في الفتوى رقم: 3651.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني