السؤال
في صلاة الجمعة وعند الدعاء أجد الخطيب يردد بعض الأدعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا الدعاء: اللهمّ إني أسألُك من الخير كله، عاجله وآجله، ما علمتُ منه وما لم أعلم، وأعوذُ بكَ من الشرّ كله عاجله وآجله ما علمتُ منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألُك من خير ما سألك عبدك ونبيّك وأعوذ بك من شر ما عاذ منه عبدك ونبيك، اللهم إني أسألُك الجنة وما قرّب إليها من قولٍ، أو عمل، وأعوذُ بك من النارِ وما قرَّب إليها من قولٍ، أو عمل، وأسألُك أن تجعل كل قضاءٍ قضيتَه لي خيرًا ـ فهل هذا الدعاء من الممكن أن يندرج تحت باب كنايات الطلاق؟ وما النية التي يجب أن أنويها عند الدعاء بمثل هذا الدعاء؟ وهل يمكن أن يقع الطلاق بالدعاء؟ وسبب سؤالي أنني وجهت هذا السؤال في الفتاوى الحية وأجابني الشيخ أنه قد يندرج، لكن لا أدري هل يقصد الشيخ عند المالكية، أو يقصد رأي الجمهور؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فيحسن بنا أن نبين أولا المقصود بكنايات الطلاق وننقل هنا ما قاله ابن قدامة في المغني في تعريفها، حيث قال: وسائر ما يدل على الفرقة ويؤدي معنى الطلاق. اهـ.
وقال الشربيني الشافعي في مغني المحتاج: ضابط الكناية: كل لفظ له إشعار قريب بالفراق ولم يشع استعماله فيه شرعا ولا عرفا كسافري. اهـ.
وكنايات الطلاق لا يقع بها الطلاق إلا إذا نواه الزوج، قال ابن قدامة في المغني: والكناية لا يقع بها الطلاق حتى ينويه، أو يأتي بما يقوم مقام نيته. اهـ.
فإذا تلفظ الزوج بهذا اللفظ الذي يحتمل معنى الفراق ويحتمل غيره ولم ينو به الطلاق فلا يقع طلاقه باتفاق الفقهاء، فتبين بهذا أن مجرد اللفظ لا يقع به الطلاق ولو احتمله، دعاء كان هذا اللفظ أم غيره، وهذا في عموم الأدعية، وأما هذا الدعاء المذكور بالسؤال فليس فيه كناية من كنايات الطلاق، وما أشرت إليه من الخلاف بين الجمهور والمالكية، إن كنت تقصد به ما توسع فيه المالكية من القول بأن كل لفظ تلفظ به الزوج قاصدا به الطلاق وقع طلاقه، فهم قد اعتبروا في ذلك القصد أيضا، فلا يقع الطلاق إذن بمجرد الألفاظ.
والله أعلم.