السؤال
منذ أكثر من خمس سنوات نذرت أنثى غنم لذبحها لله، وبعد ذلك اقترضت مبلغا من المال وقمت بسؤال إمام مسجد ببلدتي فقال لي قم ببيع هذه الغنمة وحينما ييسر الله لي الأمر أقوم بشراء غيرها بنفس المبلغ أو زيادة عليه والتصدق بها في حينها وبعد ذلك قمت بالسفر ويسر الله لي الأمر فاشتريت جاموسة ووراءها بنتها وقد كانت بنتها في ذلك الوقت تساوي نفس سعر الغنمة وهي الآن تساوي اثنى عشر ضعف سعر الغنمة التي قمت ببيعها فسألت أحد الشيوخ فقال لي قم بذبح هذه الجاموسة ـ البنت ـ وأخرج مايوازي قيمة الغنمة والتصدق به وفاء لنذري وقم بالاستفاده بباقي ثمنها، فهل يجوز أن أقوم بالذبح وإخراج ربعها وفاء للنذر الذي قمت به وأقوم بالاستفادة من باقيها وذلك لأنني مقدم على زواج وأحتاج لحمها للعرس؟ مع العلم أنني قمت ببيع الغنمة بسعر 800 جنيه مصري وسعر الجاموسة الآن هو 10000 جنيه مصري، الرجاء الإفادة الواضحة والحل الصريح، وجزاكم الله خيرا عنا وعن جميع المسلمين.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يكن صوابا ما أفتاك به هذا الشخص من بيع الشاة المنذورة في وفاء دينك، وقد كان يجب عليك أن تذبحها وفاء لنذرك ما دمت قد نذرتها بعينها، فإن النذر المعين لا يجوز بيعه ولا إبداله إلا بخير منه، قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله: إذا كان الدين سابقاً على النذر قدمه، وإذا كان النذر سابقاً عن الدين قدمه، لأن هذا يتعلق بالذمة، هذا إذا لم ينذر شيئاً معيناً بأن يقول هذه مثلاً لله علي نذر أن أتصدق بهذه الدراهم أو بهذا الطعام المعين فإنه في هذه الحال يقدم النذر، لأنه عينه وصار هذا الشيء المعين مشغولاً بالنذر. انتهى.
والواجب عليك الآن هو أن تتوب إلى الله تعالى وتستغفره من تفريطك، ويجب عليك ضمان هذه الشاة، لأنها تلفت بتفريطك وهي حق للفقراء والمساكين فيجب دفعه إليهم، وقد سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله: شخص نذر أن يذبح كبشًا معينًا فمات الكبش المعين دون تفريط منه، فهل يلزمه إبداله؟ فأجاب بقوله: إذا عين الإنسان الأضحية، ثم ماتت بغير تفريط منه ولا تعد فلا شيء عليه، إلا إذا كانت منذورة، يعني قد نذر الأضحية فعليه أن يوفي بنذره. انتهى.
ثم إنك ضامن لهذه الشاة بالأكثر من ثمنها وقيمتها، فإن كانت قيمتها أكثر من الثمن الذي بعتها به لزمك دفع الزائد في شراء بدلها، وإذا كان الثمن أكثر، فإن الزائد نذر ليس لك أن تنتفع به، وفيما تفعله به ثلاثة أوجه للشافعية: إما أن تشارك به في ذبيحة أخرى، وإما أن تشتري به لحما وتتصدق به، أو تتصدق بنفس المال وهذا أرفق بك، قال النووي في شرح المهذب: قَالَ أَصْحَابُنَا: فَإِنْ خَالَفَ فَبَاعَ الْهَدْيَ أَوْ الْأُضْحِيَّةَ الْمُعَيَّنَيْنِ لَزِمَهُ اسْتِرْدَادُهُ إنْ كَانَتْ عَيْنُهُ بَاقِيَةً وَيَلْزَمُهُ رَدُّ الثَّمَنِ، فَإِنْ تَلِفَ الْهَدْيُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ أَتْلَفَهُ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مَا كَانَتْ مِنْ حِينِ الْقَبْضِ إلَى حِينِ التَّلَفِ وَيَشْتَرِي النَّاذِرُ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ مِثْلَ التَّالِفِ جِنْسًا وَنَوْعًا وَسِنًّا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ بِالْقِيمَةِ الْمِثْلَ لِغَلَاءٍ حَدَثَ لَزِمَهُ أَنْ يَضُمَّ مِنْ مَالِهِ إلَيْهَا تَمَامَ الثَّمَنِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ يَضْمَنُ مَا بَاعَهُ بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ لِرُخْصٍ حَدَثَ لَزِمَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ وَفِيمَا يَفْعَلُ بِالزِّيَادَةِ خلاف. انتهى.
فالحاصل ـ والله أعلم ـ هو أنه يجب عليك أن تذبح شاة مماثلة لتلك الشاة ومساوية لها أو زائدة عليها في القيمة مكان التي أتلفتها فتذبحها وفاء لنذرك، وإن فضل من الثمن الذي بعت المنذورة به أو قيمتها شيء فإنك تفعل به أحد الوجوه الثلاثة المذكورة.
والله أعلم.