السؤال
زوجتي حامل ونذرت أمي إذا حملت زوجتي وولدت أن تذبح ذبيحة وتطبخها وتطعم منها القريب والبعيد، فهل يجوز أن تذبح أمي الذبيحة التي نذرتها وأذبح أنا أخرى وتكون أمي أوفت بنذرها وعققت عن ابني إذا كان المولود ذكرا، أو أن تذبح أمي ذبيحتها فقط إذا كان المولود أنثى فتفي بنذرها وأعق عن ابنتي؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نذر طاعة لزمه الوفاء بها، فقد قال الله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ {الحج:29}.
وقال تعالى في وصف عباده الأبرار، وما أعد لهم من نعيم الجنة ـ عن حالهم في الدنيا: إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا*عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا* يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا {الإنسان:5-7}.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. رواه البخاري.
ولا يجزئ أن يجمع بين النذر والعقيقة في ذبيحة واحدة، لأن كلا منهما عبادة مقصودة لذاتها، فعبادة النذر قد ترتبت بسبب النذر، والعقيقة ترتبت بسبب ولادة المولود، فكل منهما عبادة مستقلة عن الأخرى ولا تندرج أي منهما تحت الأخرى.
وجاء في جواب اللجنة الدائمة لسائلة تقول: أنا امرأة حصل لي مرض ونذرت نذرا في مرضي أنه إذا عافاني الله أن أذبح كبشا، فلما شفاني الله ذبحت هذاالكبش، وقال لي زوجي: هذا نذرك والعقيقة لابنتك ـ وقد جاء لي ابنة جديدة هي هذه البنت ـ فهل يجوز جمع العقيقة مع النذر؟ أفيدوني أفادكم الله.
وجاء في الجواب: هذا الكبش لا يجزئ إلا عن النذر فقط، وأما العقيقة فيسن للأب أن يذبح عن ابنته شاة مستقلة، لأن هذين الذبحين لا يتداخلان، لاختلاف سببهما ومتعلق خطاب الشارع بهما. اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: إِنْ أَشْرَكَ عِبَادَتَيْنِ فِي النِّيَّةِ، فَإِنْ كَانَ مَبْنَاهُمَا عَلَى التَّدَاخُل كَغُسْلَيِ الْجُمُعَةِ وَالْجَنَابَةِ، أَوِ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ أَوْ غُسْل الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ، أَوْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا غَيْرَ مَقْصُودَةٍ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ مَعَ فَرْضٍ أَوْ سُنَّةٍ أُخْرَى، فَلاَ يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي الْعِبَادَةِ، لأِنَّ مَبْنَى الطَّهَارَةِ عَلَى التَّدَاخُل، وَالتَّحِيَّةُ وَأَمْثَالُهَا غَيْرُ مَقْصُودَةٍ بِذَاتِهَا، بَل الْمَقْصُودُ شَغْل الْمَكَانِ بِالصَّلاَةِ، فَيَنْدَرِجُ فِي غَيْرِهِ، أَمَّا التَّشْرِيكُ بَيْنَ عِبَادَتَيْنِ مَقْصُودَتَيْنِ بِذَاتِهَا كَالظُّهْرِ وَرَاتِبَتِهِ، فَلاَ يَصِحُّ تَشْرِيكُهُمَا فِي نِيَّةٍ وَاحِدَةٍ، لأِنَّهُمَا عِبَادَتَانِ مُسْتَقِلَّتَانِ لاَ تَنْدَرِجُ إِحْدَاهُمَا فِي الأْخْرَى.
ولو ذبحت أمك شاة لنذرها وذبحت أنت واحدة للعقيقة عن مولودك فيجزئ ذلك، ولكن الأكمل أن تذبح شاتين عن الولد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ومن ولد له مولود فأحب أن ينسك عنه فليفعل: عن الغلام شاتان مكافأتان، وعن الجارية شاة. رواه أحمد وغيره، وصححه الأرناؤوط.
وتجزئ الشاة الواحدة عن المولود الذكر وذلك لما رواه أبو داود، وصححه الألباني، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا.
وقال العلامة خليل المالكي في المختصر: وندب ذبح واحدة تجزئ ضحية في سابع الولادة نهاراً.
وقال النووي في المجموع: السنة أن يعق عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة، فإن عق عن الغلام شاة حصل أصل السنة. اهـ.
وقال ابن قدامة في المغني: هذا قول أكثر القائلين بها، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عق عن الحسن شاة وعن الحسين شاة. اهـ.
والله أعلم.