الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تضرر المرأة من بقائها مع زوجها من مسوغات طلبها الطلاق وهل يلزم رد المهر

السؤال

تزوجت قبل خمسة أشهر من شاب كنت أعرفه خلال الخطوبة وكان مهذبا ومن عائلة معروفة ونحن نعيش مع أهله بعد الزواج، وبعد الزواج وخصوصاً في الأسبوعين الأولين من زواجنا كان يسخر من أهلي ومن لقبنا ومن عاداتنا ويسخر مني دائما، وعندما يوقظني من النوم يوقظني برجله ويضعها في وجهي، وفي البداية كان أهله يحبونني ويحترمونني وأنا أبادلهم هذا ولكن كان يسخر مني أمامهم ويقول أنتم تدلعونها زيادة وسيأتي يوم وتشكون لي منها وغير هذا من الكلام الكثير الجارح، علماً بأنني أحاول تأدية واجباتي وأدلعه ولكنه يستفزني دائماً ويقلل من شأني وأصبحت أخته وأمه تتطاولان علي تيدخلان إلى غرفتي وتتكلمان علي بالكلام الجارح، حتى إنه في مرة دخلت أمه ونحن في وضع الجماع، علماً بأنه لا يتركني أغلق باب الغرفة بالمفتاح مهما كان السبب حتى عند خروجي من المنزل أتركها مفتوحة، وضاق بي الحال وعدت إلى بيت أهلي بعد ثلاثة أسابيع من زواجنا وأعادني أهلي إليه ولم يتغير شيء سوى إلى الأسوأ، وكل مرة يقوم بتفتيش أغراضي وتليفوني بطريقة تجعلني بلا كرامة، وقد نهاه أهله عن ذلك ولكن دون جدوى، وأصبحت الآن أنفر منه دائما وأقصر في حقوقه، وفي المشادة الأخيرة بيننا قام بسبي في الشارع ونعتني بالوقاحة قليلة الأدب وذلك لأني أخبرته بأنه ليس لدي فلوس علماً بأن علي ديونا بسبب الزواج وأسددها من راتبي وما تبقى أرسله لأهلي ـ أمي وأخي الصغير حيث إن أمي مطلقة منذ ست عشرة سنة وأخي في المراحل الدراسية الأخيرة ـ بسبب ظروفهم الصعبة جداً، وقد أخبرته بذلك في الخطوبة ولم يمانع، بل أخبرني بأن هذا راتبي وأنا حرة التصرف فيه، وكان دائم الوعود لي بأنه سيغير حياتي للأفضل وبأننا سنسافر وينسيني كل ظروفي الصعبة ومعاناتي في تحمل المسئولية تجاه أهلي، والآن أنا في بيت أهلي وأريد الطلاق منه، علماً بأنه يسمع الكلام من أصدقائه ومن أخته الكبيرة ويطبقه ويصدقه وكل ما يجري بيننا يحكيه لأهله حتى إنهم ضاقوا منا ومن تفاهاتنا، فهل يحق لي طلب الطلاق؟ وهل أنا مجبرة على رد مهره؟ أم أن معاملته لي وعدم احترامه تكفي لطلب الطلاق؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الشرع قد حث الأزواج على الإحسان إلى زوجاتهم وأوصاهم بهن خيرا، وقد ذكرنا النصوص الدالة على ذلك بالفتوى رقم: 20098.

فإذا كان تعامل زوجك معك على الحال المذكور فهو سيء الخلق، مسيء للعشرة، ومخالف لتلك التوجيهات الربانية والهدايات النبوية، وتضرر المرأة من بقائها مع زوجها من مسوغات طلبها الطلاق، كما نص على ذلك الفقهاء، وسبق بيان ذلك بالفتوى رقم: 37112.

فيحق لك إذن طلب الطلاق، ولكن مع هذا فإن أمكن الإصلاح فهو أولى، قال تعالى: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا {النساء:128}.

وإذا تعذر الإصلاح فالطلاق أفضل، وعسى الله أن يغني كلا من الزوجين من فضله بعد الفراق، قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا {النساء:130}.

ولا يلزم المرأة رد المهر إلى زوجها إذا حصل الطلاق، ولكن إن خالعته على عوض معين دفعته إليه، سواء كان العوض هو المهر أو غيره، ولكن ذكر الفقهاء أن الزوج إذا كان هو المضر بزوجته لا يحل له أخذ هذا العوض، كما هو مبين بالفتوى رقم: 100270.

وننبه إلى بعض الأمور، ومنها:

الأمر الأول: أن من حق الزوجة على زوجها أن يوفر لها مسكنا مستقلا، وأنها لا يلزمها شرعا السكن مع أقاربه، وانظري الفتوى رقم: 137672.

الأمر الثاني: أن على الزوجة أن تؤدي إلى زوجها حقه وإن قصر هو في حقها، كما سبق بيانه بالفتوى رقم: 69177.

الأمر الثالث: أنه لا يجوز للمرأة الخروج من بيت زوجها إلا لعذر شرعي، وراجعي الفتوى رقم: 65363.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني