الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم راتب الموظف المقصر في عمله لعدم تأهيله

السؤال

تمّ انتدابي مؤخّرا كأستاذة فرنسية بعد العديد من الاختبارات، وكان من المفروض أن أقوم بتأهيل (بيداغوجي) في كيفيّة التّدريس والتّعامل مع التلميذ، لكن أجّل التّأهيل بسبب اضطراب البلاد حينها و لم أتلقّه إلا بعد أن بدأت ممارسة العمل يعني بالتّوازي معه، وجدت نفسي في وضع جديد يتطلّب كفاءة تربويّة عالية إضافة إلى الكفاءة العلميّة لما رأيته من افتقار عموم التلاميذ في الفصول التي أدرّسها إلى الأسس التّربوية الإسلاميّة السّليمة، خاصّة وأنّهم عموما يعانون من إهمال أوليائهم لهم تربويّا وجهلهم البالغ في الدّين والأداب الإسلاميّة. رأيت أنّي وقعت في الكثير من حالات العجز ومن الأخطاء بسبب غرابة الوضع بالنّسبة لي، وبسبب تراكم المسؤوليّات عليّ خاصّة أني لم أجد في محيطي قدوة دينيّة ملموسة طيّبة تعينني في سلوك منهجيّة معيّنة وسليمة مع التلاميذ، من جهة أخرى كثيرا ما أصل متأخّرة إلى العمل رغم اجتهادي في الالتزام به.
باختصار أراني غير أهل للمسؤولية الملقاة على عاتقي وأريد ترك العمل لكن والداي لا يرضيان بهذا.
فهل يجوز لي مخالفتهما؟
وهل يعتبر أجري حراما؟ وإذا كان الحرام يخالطه ، فهل تزكّيه صدقة منه؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كنت لا تستطيعين أداء العمل على الوجه المطلوب منك حقا فلا يجوز لك البقاء فيه، ما لم تطلعي جهة العمل على جوانب النقص، فإن أذنت لك بعد ذلك ورضيت بما أنت عليه فلا حرج عليك في الراتب، وأما إذا لم تأذن لك في البقاء لعجزك عنه. فلا يجوز لك البقاء بالتحايل والخداع، ولا يباح لك الراتب إذا لم تؤد العمل المتفق عليه والذي بسببه تستحقين الراتب، ولايجزئك التصدق ببعضه لأنك لاتستحقينه، ولا طاعة لوالديك في البقاء في العمل على هذا النحو فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، في الصحيحين قوله: إنما الطاعة في المعروف.
ولهذا فسر العلماء قول الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [العنكبوت:8].
وما جاء في معناه من الآيات، بأنه لا طاعة للوالدين في معصية الله، دون فرق بين الشرك وغيره.

قال البيضاوي في تفسير الآية المتقدمة: وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فلا تطعهما: عبر عن نفيها بنفي العلم إشعاراً بأن ما لا يعلم صحته لا يجوز اتباعه، وإن لم يعلم بطلانه فضلاً عما علم بطلانه، فلا تطعهما في ذلك، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

وخلاصة القول أن الأمر ينبني على ما ستقرره جهة المدرسة بعد إعلامها بالأمر، فإن رأت أنك أهلا للمهمة رغم ما تذكرينه من نقص وعجز فلا حرج عليك في البقاء وهو أولى لموافقته لرضى والديك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني