السؤال
عادتي الشهرية الدم الصريح حوالي 7 أيام، ويستمر بعدها نزول إفرازات صفراء تزيد عن اليوم العاشر، كنت أعلم كما قرأت أنها حيض فلم أكن أصلي، ولكن لطول المدة لو كنت أفتي نفسي ما اعتبرتها حيضا. والسؤال: في بداية زواجي عندما أتتني العادة الشهرية جلست 8 أيام واغتسلت صباح التاسع، وجامعني زوجي دون أن أخبره بموضوع الصفرة والكدرة، ولله الحمد حملت حتى لا أعيش الصراع كل شهر. فهل علي كفارة وإن كان نعم فهل عن كل يوم أم كفارة واحدة تغني؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فواضح جدا من سؤالك أنك كنت تعلمين أن الصفرة المتصلة بالدم حيض، وأنه لم يكن يجوز لك الاغتسال حتى تنقطع الصفرة، وأنك تعمدت المخالفة، وعلى هذا فقد أثمت إثما عظيما بتعمدك أن يجامعك زوجك في زمن تعتقدين أنه حيض، والواجب عليك التوبة النصوح إلى الله تعالى، ولا يجب عليك غير التوبة عند الجمهور، وأما عند الحنابلة فينبني الحكم على خلافهم في هذه الصفرة هل تعد حيضا أو لا، فالمعتمد في المذهب أن هذه الصفرة لا تعد حيضا ولو تكررت، وصوب المرداوي أنها تعد إن تكررت حيضا، ورجح ابن قدامة أن الصفرة المتصلة بالدم حيض، وهو ما رجحناه في الفتوى رقم: 134502.
قال في الإنصاف: لَوْ وَجَدَتْ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ بَعْدَ زَمَنِ الْحَيْضِ وَتَكَرَّرَتَا فَلَيْسَتَا بِحَيْضٍ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ،... وعنه إن تكرر فهو حيض، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَشَرَطَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ اتِّصَالَهَا بِالْعَادَةِ. وَقُطِعَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: أَنَّ حُكْمَهَا مَعَ اتِّصَالِ الْعَادَةِ حُكْمُ الدَّمِ الْأَسْوَدِ.. انتهى.
فعلى المعتمد في المذهب ليس عليك شيء، وعلى ما نرجحه من أن هذه الصفرة حيض وهو الذي كنت تعتقدينه فيما يظهر فتلزمك كفارة وهي دينار أو نصفه على التخيير، والراجح أنها لا تلزم زوجك لجهله بالحكم، وانظري الفتوى رقم: 138644 وإن كان هذا الفعل قد تكرر منك وهو تمكينك زوجك من الجماع حال الحيض فهل تتكرر الكفارة بتكرر ذلك الفعل؟ فيه عند الحنابلة الموجبين للكفارة خلاف، والمذهب عندهم أن الواجب كفارة واحدة، ، نقل في كشاف القناع عن صاحب الفروع أنه أخذ من كلام ابن عقيل أن من كرر الوطء في حيضة أو حيضتين أنه في تكرار الكفارة كالصوم. والمذهب في تكرار الجماع في الصوم وجوب كفارة واحدة إن جامع ثانيا قبل أن يكفر عن الأول.
قال في الإنصاف: تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ لَوْ جَامَعَ، ثُمَّ جَامَعَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: بِغَيْرِ خِلَافٍ. انْتَهَى. وَعَنْهُ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: تَعَدَّدَ الْوَاجِبُ وَتَدَاخَلَ مُوجِبُهُ. انتهى.
والخلاصة أنه لا كفارة عليك عند الجمهور وعليك الكفارة عند من يعدون هذه الصفرة حيضا من الحنابلة، وفي تكررها وجهان المذهب عدم التكرر كالصوم. وإخراج الكفارة أحوط وإن كان الحديث الدال على وجوبها مختلفا في صحته.
والله أعلم.