السؤال
المشكلة التي سأطرحها معقدة بعض الشيء: لدي صديق يعمل في فرقة خاصة تابعة للشرطة في دولة أتحفظ عن ذكر اسمها, وهذه الفرقة مختصة في تفكيك شبكات الدعارة والمخدرات والفساد, وصديقي يعمل كجاسوس لصالح الشرطة منذ سنة 2009 وفي جانفي 2011 تم تكليفه بمهمة كبيرة وهي تفكيك عصابة فساد وذلك عبر الدخول فيها ونقل المعلومات للشرطة حول تحركاتهم ومصادر تمويلهم, بدأ صديقي بالتقرب منهم وتجارة المخدرات معهم لكي يكسب ثقتهم, إلى أن وصل بهم الأمر في أواخر 2011 إلى الثقة فيه وبدأ يكون صداقات مع أفراد المجموعة إلى أن أصبح واحداً منهم، واضطر صديقي إلى تعاطي المخدرات وممارسة الجنس مع بعض الساقطات والمشاركة في تجارة الحرام وشرب الخمر لكي لا يكون مختلفا عنهم, كما أنه شارك في تبادل إطلاق ناري لصالح العصابة في عملية تبادل فاشلة لمادة الماريخوانا في فيفري 2012, تم إيجاد ممولي المجموعة وتمت مباغتتهم من طرف فرقة مكافحة الفساد وتم نهائيا حل المجموعة والزج بالجميع في السجن في أواخر مارس الفارط، ويعود الفضل الأول للصديقي الذي مدهم بالمعلومات الكاملة حول تحركات المجموعة وغيرها، وانقطع صديقي طبعا عن ممارسة تلك الأعمال التي اضطر للقيام بها عندما كان عضوا في العصابة ويريد أن يسأل حول الحكم الصحيح لما قام به من زنا وشرب خمر وتبادل إطلاق نار دون قتل وتعاطي مخدرات، وشكرا أعتذر عن الإطالة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على صديقك هذا أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا من الكبائر التي اقترفها، ولا يعفيه من تبعة ما اقترف أن غايته كانت مشروعة، فإن الغاية لا تبرر الوسيلة، فكما ينبغي أن تكون الغاية مشروعة، كذلك ينبغي أن تكون الوسيلة مشروعة. والقاعدة: أن الوسائل لها أحكام المقاصد، وقد سبقت لنا فتوى في بيان هذه القاعدة برقم: 50387.
ومما يفيد في ذلك قصة مرثد بن أبي مرثد الغنوي، فقد كان رجلا يحمل الأسرى من مكة حتى يأتي بهم المدينة، وكانت له صديقة في الجاهلية، وهي امرأة بغي بمكة يقال لها عناق، فوعد رجلا من أسارى مكة يحمله، قال: فجئت حتى انتهيت إلى ظل حائط من حوائط مكة في ليلة مقمرة فجاءت عناق فأبصرت سواد ظلي بجنب الحائط فلما انتهت إلي عرفتني فقالت: مرثد؟ فقلت: مرثد، فقالت: مرحبا وأهلا هلم فبت عندنا الليلة، فقال: يا عناق حرم الله الزنا، قالت: يا أهل الخيام هذا الرجل يحمل أسراكم! قال: فتبعني ثمانية وسلكت الخندمة فانتهيت إلى كهف أو غار فدخلت فجاءوا حتى قاموا على رأسي فبالوا فظل بولهم على رأسي وأعماهم الله عني، قال: ثم رجعوا ورجعت إلى صاحبي فحملته وكان رجلا ثقيلا حتى انتهيت إلى الإذخر ففككت عنه كبله فجعلت أحمله ويعييني حتى قدمت المدينة. رواه الترمذي وحسنه والنسائي، وحسنه الألباني.
ثم ننبه على أن التجسس على اللصوص وقطاع الطرق والمجرمين والمفسدين ونحوهم لا حرج فيه، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 15454، ورقم: 108047.
والله أعلم.