السؤال
هل يعتبر زنا من أتى امرأة في دبرها وهو يرتدي ملابسه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزنى من غير مباشرة محرم تحريما شديدا، واختلف في وجوب الحد به.
والجمهور على أن الزنى يستوي فيه ما حصل من جهة القبل أو الدبر، وخالف أبو حنيفة فلم يلحق الدبر بالقبل.
وذهب الجمهور إلى عدم الحد إذا كان الإيلاج بحائل، وخالفهم الشافعية، وفرق بعض المالكية بين الخفيف والكثيف.
قال الرحيباني في أسنى المطالب: ( وشروط حد زنا ثلاثة : أحدها - تغييب حشفة أصلية من عاقل , ويتجه باحتمال ) قوي أن يكون ( بلا حائل ) قياسا على الغسل, إذ لو غيب حشفته بحائل لا يجب عليه الغسل, فدل أنه يلزم من نفي وجوب الغسل نفي الحد وأولى " قاله في " الفروع " " والمبدع " فيؤخذ منه أنه لا حد على من غيب بحائل, وهو متجه ( من آدمي ). اهـ.
وقال ابن أبي زيد القيرواني في الرسالة: ومن زنى من حر محصن رجم حتى يموت ... ولا يحد الزاني إلا باعتراف أو بحمل يظهر أو بشهادة أربعة رجال أحرار بالغين عدول، يرونه كالمرود في المكحلة ويشهدون في وقت واحد. اهـ.
وقال النفراوي في شرح الرسالة: ( ومن زنى ) أي غيب حشفته من غير حائل ...اهـ.
وجاء في شرح الدردير للمختصر: ( الزنا ) شرعا وهو ما فيه الحد الآتي بيانه ( وطء مكلف ) حرا أو عبدا ( مسلم ) ... والوطء تغييب الحشفة أو قدرها ولو بحائل خفيف لا يمنع اللذة وبغير انتشار ( فرج آدمي ) قبلا أو دبرا اهـ
وجاء في شرح المنهاج للرملي: وهو أي الزنى ( إيلاج ) أي إدخال ( الذكر ) الأصلي المتصل ولو أشل، أي جميع حشفته المتصلة به .... أو قدرها من فاقدها لا مطلقا خلافا لقول البلقيني لو ثنى ذكره وأدخل قدرها منه ترتبت عليه الأحكام ولو مع حائل , وإن كثف. اهـ
قال الشيخ سليمان الجمل في فتوحات الوهاب : ( قوله أيضا بإيلاج حشفة ) أي , ولو من ذكر أشل , ولو بحائل غليظ , ولو غير منتشر , ولو من طفل. اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: لا خلاف بين الفقهاء في أن من شروط وجوب الحد في الزنى تغييب حشفة أصلية أو قدرها من مقطوعها في فرج أصلي ولو لم ينزل . فإن لم يغيب أو غيب بعضها فلا حد . لأن ذلك لا يسمى زنى, إذ الوطء لا يتم بدون تغييب جميع الحشفة .... واختلفوا في إيلاجها في الدبر من ذكر أو أنثى - مع حرمته - : فذهب الجمهور إلى أنه لا فرق بين القبل والدبر في وجوب الحد بتغييب الحشفة, ويرى أبو حنيفة أنه لا بد من إيلاج الحشفة في القبل. وإن لف عليها خرقة كثيفة فذهب الحنفية في الأصح والمالكية, والحنابلة إلى عدم وجوب الحد قياسا على مسألة الغسل بل أولى . وأما بحائل خفيف لا يمنع اللذة فيجب الحد, وفي قول عند المالكية لا يجب, لأن الحدود تدرأ بالشبهات. ويرى الشافعية وجوب الحد, ولو كان الحائل غليظا . اهـ.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني