السؤال
ما هو حكم الزوجه الثانية إذا قامت بأعمال السحر واستعملت جميع الطرق التي أدت بالزوج إلى طلاق وكره الزوجة الأولى بدون ذنب سوى أنها اعترضت على الخيانه الزوجية وحرمانها وابنها من أي حقوق في الحياة حتى الاتصال الهاتفي بالولد ولا يعرف عن ابنه شيئا منذ 4 سنين ولا يصرف ولا يتواصل أبدا؟ علما بأن الزوجة الأولى المطلقة لم تعف الزوج من أي حقوق من حقوقها ولا ترغب بالطلاق لأنه تم فقط للتخلص من القيام بواجبها وواجب ابنها بسبب استحالة العدل.
ومن أسباب رفض الرسول صلى الله عليه وسلم زواج علي رضي الله عنه هو أذى مشاعر السيدة فاطمة وبالتالي أذى والدها صلى الله عليه وسلم بما معناه أن التعدد يسبب الأذى للزوجة الأولى وما يقرأ ويكتب يختلف تماما عن الواقع فالرجل العادل 1 من آلاف الرجال والباقي فهو خراب بيت ويتم أطفال وحرمانهم من الحياة الأسرية الآمنة..
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صح ما ذكر من سعي الزوجة الثانية في التفريق بين الزوجة الأولى وزوجها فهذا منكر عظيم وفساد في الأرض عريض، ثبت في الصحيحين واللفظ للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:"لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها". فإذا كان هذا في مجرد سؤاله طلاقها فكيف إذا سعت في ذلك بالفعل واستخدمت السحر الذي هو محرم ومن السبع الموبقات، ففي الصحيحين أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه
: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اجتنبوا السبع الموبقات" . قالوا يا رسول الله وما هن ؟ قال:" الشرك بالله والسحر...الحديث.
والمطلقة وولدها لهم حقوق على الزوج سبق بيانها بالفتوى رقم: 8845 . فيحرم على الزوج التفريط في شيء من ذلك، ولا سيما ما يتعلق بحق الولد، روى أحمد وأبو داود عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول :" كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت". وولاية الأب على ولده في التعليم وحسن التوجيه ثابتة حتى مع افتراق الزوجين, قال ابن مفلح الحنبلي هو يتحدث عن حضانة الولد: ومتى أخذه الأب لم يمنع زيارة أمه ولا هي تمريضه, وإن أخذته أمه كان عندها ليلا, وعنده نهارا ليؤدبه ويعلمه ما يصلحه.اهـ. فيمكنك رفع الأمر إلى القاضي الشرعي، ويمكنك الرجوع على زوجك بنفقتك في العدة، ونفقة ابنتك إن كنت أنفقت عليه بنية الرجوع على أبيه فيها، وانظري الفتوى رقم: 34771.
وما حدث من هذه الزوجة الثانية أو ما يمكن أن يحدث من غيرها لا ينبغي اتخاذه حجة لنسف أمر التعدد من أصله والذي قد أباحه الله تعالى، وذلك لما فيه من الحكم الكثيرة، والله سبحانه هو أحكم الحاكمين، وهو يعلم خلقه وما يصلحهم، قال تعالى: أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ {الملك:14} فقد أباح التعدد مع علمه بغيرة المرأة وعدم رضاها أن يتزوج زوجها من غيرها، إلا أن شرط هذا التعدد هو القدرة على العدل، فإذا علم الزوج عدم قدرته على ذلك حرم عليه المصير إليه. وراجعي: 2600 ، وهي عن الحكم والغايات النبيلة من وراء التعدد. وراجعي أيضا الفتوى رقم: 1469.
وبدلا من التفكير فيما حدث من زوجك والزوجة الثانية استأنفي حياتك كأن شيئا لم يكن، واجتهدي في تناسي ذلك، فقد لا تجنين من ورائه إلا الحسرات. وتوجهي إلى الله بالدعاء أن يرزقك زوجا خيرا منه، ويمكنك الاستعانة ببعض الثقات من أقاربك وصديقاتك في البحث عن زوج، ولا حرج شرعا على المرأة في السعي في ذلك كما هو مبين بالفتوى رقم: 18430.
وننبه في الختام إلى الآتي:
أولا: أن مصطلح الخيانة الزوجية من المصطلحات التي ينبغي أن تفهم على وجهها الصحيح، وسبق أن نبهنا على ذلك فنرجو مطالعة الفتوى رقم: 15726.
ثانيا: أن قصة فاطمة رضي الله عنها ليس فيها دليل على منع التعدد المباح . وراجعي في فقه هذه القصة الفتوى رقم: 163241.
والله أعلم.