السؤال
كنت عاهدت نفسي أن أخصص حصة من مرتبي للصدقة على الفقراء أو المرضى المحتاجين أو المساهمة في بناء المساجد فتكون بذلك صدقة جارية، ولكن بعد سنتين من تطبيق هذا العهد رأيت بأن أمي تتمنى أن أخصص لها حصة شهرية من مرتبي رغم أنها وأبي قد أغناهما الله ربما أكثر مني، فهل تعتبر هذه الأعطية صدقة؟ بمعنى إذا أعطيتها هذه الحصة من مال الصدقة أكون قد بررت بها وتصدقت بالحصة المعهودة؟ أم أنه يجب أن أعطيها من مال غير ذلك المخصص للصدقة، لأنها ليست صدقة وإنما بر؟ علما بأنني في بادئ الأمر لم أنو أن أدخل البر في أنواع الصدقات التي نويتها.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان العهد المذكور قد وقع بصيغة النذر أو ما يدل عليه، كأن تقول: لله علي أن أتصدق بثلث راتبي كل شهر، ونحو ذلك... فإن هذا يعتبر نذرا يجب عليك الوفاء به ما دمت تستطيع ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري وغيره.
وعلى هذا التقدير، فإن ثلث راتبك قد أصبح حقا للفقراء أو لمن نويت التصدق به عليهم، وليس لك أن تتصرف فيه على وجه آخر يخالف ما نذرته، وأما إذا كان العهد المذكور هو مما حدثت به نفسك دون التلفظ به على وجه ينعقد به النذر فإنه لا يلزمك فيه شيء، ولك أن تفعل بالجزء المذكور من راتبك ما أردته، وعلى هذا يكون إعطاؤك لأمك صدقة وصلة رحم، كما جاء في الحديث عن سلمان بن عامر الضبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي القرابة اثنتان: صلة وصدقة. رواه الإمام أحمد والنسائي وابن ماجه وغيرهم، وصححه الألباني، وقال الأرناؤوط: حديث صحيح لغيره.
وبالتالي، فلا حرج عليك في إعطاء أمك مبلغا من المال وعده من جملة الحصة المعهودة.
وأما بخصوص نيتك: فإن الصدقة من جملة البر، والبر جماع الخير كله، قال الألوسي في تفسيره: والبر الإحسان وكمال الخير، وبعضهم يفرق بينه وبين الخير بأن البر هو النفع الواصل إلى الغير مع القصد إلى ذلك، والخير هو النفع مطلقاً وإن وقع سهواً.
وانظر فتوانا رقم: 104644.
والله أعلم.