السؤال
أولا: أنا متزوج ولي طفلة، وأقيم خارج البلاد للعمل.
ثانيا: مشكلتي أني تزوجت من امرأة أحببتها بكل صدق، وضحيت، وعانت عائلتي لأني سافرت خارج البلاد لأجلها هي، وطبيعة عملي كل سنة أذهب شهرا أو شهرين أقضي إجازتي السنوية مع زوجتي، ففي السنة الثانية لإجازتي السنوية اكتشفت أن زوجتي لها علاقة مع شاب أصغر منها، علاقة حب، وفحصت جهاز الكمبيوتر فوجدت بعض الصور لها وله في وضع حبيبين عاشقين في فترة الخطوبة، مع العلم أني لم أقصر معها في أي شيء لا في حقوقها الزوجية، ولا رغباتها الدنيوية.
فماذا أفعل في هذا الموقف مع أني أعيش حياة مرة جدا؟ ومع مواجهتي لها بالصور اعترفت، وقالت إنها أخطأت ولكني غاضب منها ولن أسامحها أبدا. فما موقفي جزاكم الله خيرا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الواقع فعلا ما ذكرت من أن زوجتك قد أقامت علاقة عاطفية مع رجل أجنبي عنها، فقد أساءت بذلك إساءة بالغة، فمن شأن الزوجة المؤمنة أن تحفظ زوجها في نفسها حال غيبته، قال تعالى: فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ. النساء:34}.
نقل أهل التفسير عن السدي وغيره أنه قال في معنى:"حافظات للغيب": أي تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله.
وقال البخاري في كتاب التفسير من صحيحه: [ حافظات للغيب ] صائنات لنفوسهن في غيبة أزواجهن كما يصنها في حضرتهم. [ بما حفظ الله ] كما أمر الله تعالى، ومقابلة لوصية الله تعالى بهن وأمره الرجال بحفظهن والإحسان لهن. اهـ.
وهي بهذا التصرف قد عصت ربها، وخانت زوجها. لكن إن لم تكن مصرة على ذلك، وتابت، وصلح حالها، واستقام أمرها، وحسنت سيرتها. فأمسكها عليك وأحسن عشرتها، واجتهد في نسيان ما مضى، واحرص على تربيتها على الدين والإيمان وطاعة الرحمن، وكن قدوة صالحة لها في الخير. أما إن أصرت على معصية ربها، واستمرت على غوايتها، ففارقها، إذ لا خير للزوج في أن يبقي مثلها في عصمته، فقد تدنس فراشه وتلصق به من الولد من ليس منه.
قال ابن قدامة ـ عند كلامه على أقسام الطلاق: والرابع: مندوب إليه، وهو عند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها ـ مثل الصلاة ونحوها ـ ولا يمكنه إجبارها عليها، أو تكون له امرأة غير عفيفة، قال أحمد: لا ينبغي له إمساكها، وذلك لأن فيه نقصا لدينه، ولا يأمن إفسادها لفراشه وإلحاقها به ولدا ليس هو منه، ولا بأس بعضلها ـ في هذه الحال ـ والتضييق عليها لتفتدي منه، قال تعالى: وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ {النساء: 19}. ويحتمل أن الطلاق في هذين الموضعين واجب.اهـ.
وننبه في ختام هذا الجواب إلى أمرين:
الأمر الأول: أنه ينبغي للزوج أن يجتهد في أن تقيم زوجته معه حيث يقيم، ليعف بذلك نفسه ويعفها. بل لا يجوز له أن يغيب عنها أكثر من ستة أشهر إلا بإذنها؛ كما بينا بالفتوى رقم: 53510.
الأمر الثاني: أنه لا يجوز التجسس على الزوجة، أو تطلُّب عثراتها إلا إذا وجد مسوغ لذلك - كظهور ريبة منها - وراجع الحالات التي يجوز فيها التجسس في الفتاوى التالية أرقامها: 15454- 60127- 30115.
والله أعلم.