الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمسك زوجتك إن ظهرت عليها أمارات التوبة ولا تطلقها

السؤال

أنا متزوج من فتاة تبلغ من العمر 19 عامًا ونصف العام, وقد تزوجتها وأكرمتها, ولكن حدثت مشكلة عائلية كانت والدتها السبب فيها, وكنت حينها خارج الدولة, ثم حضرت لحل هذه المشكلة, وحينما ذهبنا إلى منزل زوجتي حصلت مشادة مفتعلة من طرف أهل زوجتي تعرض على إثرها ابن عمي إلى اعتداء من قبل أخي زوجتي, وكاد ابن عمي أن يموت بسبب هذا الاعتداء, وتم إدخاله إلى المستشفى واستئصال 4 أمتار من أمعائه الدقيقة؛ لأن هذا الشخص اعتدى عليه بسكين, وهذا هو بيت القصيد, واكتشفت أن زوجتي تحادث شخصًا آخر وتتحدث معه في أمور غير شرعية - كأنها زوجته - وقد أرسلت له صورًا خاصة أيضًا, وقد قابلته مرتين بعد زواجها في شارع عام, ولم يختلِ بها, وقد تأكدت من ذلك بنفسي, وكما أن هذا الشخص قد أرسل لها هاتفًا جوالًا عبر أحد محلات الهواتف للتحدث معه بعد أن شك والدها فيها وقام بسحب الهاتف الجوال الخاص بها حتى لا يعثر أحد على الرسائل المتبادلة بينهم, وجدير بالذكر أن هذا الشخص كان قد تقدم لها قبل أن أتزوجها, ولم يكن حاله المادي يسمح له بالزواج, ولكني اكتشفت أيضًا أن هذا الشاب الخبيث كان يخطط لاستغلاها أسوأ استغلال, وكان يود حسب ما توافر لديّ من معلومات الانفراد بها والتسبب في طلاقها, ثم استدراجها وإيقاعها في حباله هو وبعض أصدقائه وراغبي المتعة الحرام, كما كان يعتقد أن لديها مالًا, خصوصًا أني ميسور الحال, وهذا هو المعروف عني, وعند مواجهة زوجتي بذلك أنكرت في البداية, ثم بمواجهتها باسمه ومكان عمله أقرت بفعلتها, ولكن من خلال حديثها فهمت أن زوجتي عاشت حياة طفولية بائسة لم يكن أحد يحن عليها أو يسمعها, وهذا الشاب يبدو أنه قد أدرك ذلك في شخصيتها, فأوهمها بأنه يحن عليها, ويحبها, ويخاف عليها أكثر من نفسها, بل إنه كان يبكي في الهاتف كأنه مجنون, أو مصاب بعلة عقلية, فكانت هي من جانبها تشفق عليه, ومن ثم تواصل التحدث معه فيما حرمه الله, وزوجتي هذه بعد ندمها - والله أعلم - قد شهدت على أخيها في المحكمة بأنه هو الذي اعتدى على ابن عمي في منزلهم, وهذا ليس بالهين.
ثانيًا: قد قطعت علاقتها بأهلها نهائيًا, ولم يعد لها أحد سواي وأسرتي, فهل لي أن أطلقها وأن أقتل هذا الشاب؟ أو على الأقل أقطع لسانه الذي غرر بزوجتي؟ أم أقبل وجودها معي لمنع ضياعها فقد تغرق في الحرام بسبب طلاقها؟ خصوصًا أن أهلها ليسوا ممن يحمون عرضهم, كما أنهم مشتتو العقول, ولا يهمهم سوى مصلحتهم, فهل أبقي عليها, وأتاجر مع الله فيها, وأتزوج عليها, وأرزق بأطفال من غيرها, وهي معي أعاملها بما يرضي الله؟ أم أطلقها وأدعها لحال سبيلها؟ وهل يجوز لي تأديب ذاك الشخص بالطريقة التي ذكرتها أعلاه؟ وما ذكرته بالضبط هو ما أعلمه وما حصل؛ حتى يكون الحكم الشرعي قائمًا على ملابسات وأسباب حقيقية, وليس التماسًا للأعذار لإبقائها معي.
أفيدوني, أفادكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كانت زوجتك قد قطعت علاقتها بذلك الشاب وتابت توبة صادقة, فالأولى أن تمسكها ولا تطلقها، وأما إن كانت لا تزال على حالها من إقامة العلاقة المحرمة، فالأولى أن تطلقها بلا ريب، وانظر الفتوى رقم: 28258.

أما إقدامك على قتل هذا الشاب الفاسد أو قطع لسانه أو ضربه فذلك لا يجوز البتة, ولا حق لك في ذلك، فإن التعزير موكول إلى الحاكم, ولا حق للأفراد فيه، كما بيناه في الفتوى رقم: 29819.

واعلم أن الواجب على الرجل أن يقوم بحقّ القوامة على زوجته, ويسد عليها أبواب الفتن, ويقيم حدود الله في بيته، ويتعاون مع زوجته على طاعة الله، وفي ذلك وقاية من الحرام, وأمان من الفتن, وقطع لطرق الشيطان ومكائده, وننبه إلى أن مقاطعة زوجتك لأهلها بالكلية لا تجوز، وانظر الفتوى رقم: 60423.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني