الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يجوز للأبناء تمكين الأم من الرجوع للأب بغير صفة شرعية

السؤال

والداي منفصلان منذ أربع سنين؛ لأن والدي سيء جدًّا جدًّا, فلا ينفق علينا, وكان يأخذ معاش جدتي له وحده, وينفق منه على نفسه, وأمي هي من تولت رعايتنا ماديًا وتربويًا, وأمي متدينة ومؤمنة, أما والدي فأسأل الله أن يهديه.
وسبب الانفصال أن والدي أراد أن يتزوج من زوجة ابن بنت عمه فطلقها, وذهب لخطبتها, ولم يحدث نصيب بينهما, ولكن أمي كانت قد اتخذت قرار الانفصال, وبعد سنتين مرضت أمي مرضًا نفسيًا صعبًا جدًّا, وأخذت تتعالج منه ستة أشهر, وفي هذا المرض طلبت أمي منا أن تعود لوالدي, ولكننا رفضنا؛ لأن والدي أساء التصرف, وأراد أن يعود دون زواج شرعي, أو أن يعود بزواج عرفي؛ حتى لا ينقطع المعاش الذي تصرفه والدتي؛ لأنها مطلقة, وهذا مخالف, فرفضنا, وشفيت أمي - بحمد الله - ولكنها عاد لها نفس المرض منذ شهر, وطلبت أيضًا مرة أخرى أن تعود لوالدي, ولكنها هذه المرة مصرَّة على ذلك, وتكلمه كل يوم لتستعجل عودته إلى مصر؛ حتى يتزوجا مرة أخرى, وثمت مشكلة تواجهني أنا وإخوتي وهي أن والدي تطلقا أربع مرات قبل ذلك, وفي المرة الرابعة ذهب أبي لشيوخ كثيرين حتى يستطيع أن يعود إلى أمي مرة أخرى, فقال له أحد الشيوخ: طالما وقع الطلاق في حالة غضب فهو غير واقع عليها, ويمكن العودة في الطلاق, ولكنها المرة الخامسة أو الرابعة - إذا لم نحتسب آخر مرة - على الرغم من أن والدي لم يكن غاضبًا, ونحن نشهد بذلك, فنحن لا نعلم ماذا نفعل الآن؛ حيث إن والدي لا يخشى الله أبدًا, ونخاف أن نثير هذه النقطة فيفعل ما هو أكثر حرمة, وأمي مريضة مرضًا نفسيًا, وهذه المشكلة قد تكون سببًا في تدهور حالتها, ونخشى أيضًا أن يعودا لبعضهما دون علمنا فماذا نفعل؟
شكرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليس من حق الأولاد - أو غيرهم - منع أمهم من الرجوع لزوجها, أو الزواج بغيره زواجًا شرعيًا صحيحًا، لكن لا يجوز إخفاء الزواج من أجل بقاء المعاش الذي يصرف لغير المتزوجة، كما بيناه في الفتوى رقم: 53654، والفتوى رقم: 107986.

فإن كانت أمكم تريد الرجوع لأبيكم بزواج شرعي صحيح فليس لكم منعها من ذلك، وأما إذا كانت تريد الرجوع له بغير زواج أو تتزوجه رغم تيقنكم أنه طلقها ثلاث تطليقات ولم تتزوج زوجًا بعده، فلا يجوز لكم تمكينها من ذلك، وإذا تزوجته على هذه الحال فعليكم رفع الأمر للمحكمة الشرعية للتفريق بينهما، قال الخرشي في شرح مختصر خليل: وفي محض حق الله تجب المبادرة بالإمكان إن استديم تحريمه كعتق, وطلاق, ووقف, ورضاع. يعني أن الحق إذا تمحض لله - تعالى, وكان مما يستدام تحريمه, فإنه يجب على الشاهد المبادرة بالشهادة إلى الحاكم بحسب الإمكان, كمن علم بعتق عبد, وسيده يستخدمه ويدعي الملكية فيه, وكذلك الأمة, أو علم بطلاق امرأة ومطلقها يعاشرها في الحرام.

وننبهكم إلى أن عليكم بر أمكم وأبيكم مهما كان حالهما, ولا يجوز لكم مقاطعة أحدهما, أو الإساءة إليه, ولو أساء إليكم, أو منعكم حقوقكم، وراجع الفتوى رقم: 114460.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني