الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قضاء الفوائت وعلاج الوساوس

السؤال

أنا ولله الحمد قد منَّ الله عليّ بالإستقامة والهداية، وأريد أن أعرض عليكم بعض التساؤلات: قبل الهداية كنت تاركا للصلاة كسلا، وإن قمت للصلاة فمرائيا، لم أكن أستنزه من البول، فضلا عن العادة السرية وآثار المذي على ملابسي، أبقى على جنابة لأيام، وكنت أصوم ولا أصلي حتى قمت بالعادة السرية في أحد أيام رمضان، لكن بفضل الله عز وجل منّ علي بالاستقامة، لكني محتار بشأن قضاء الفوائت، حيث قرأت أنه لا يجب القضاء، ولكن كلما أريد أن لا أقضي أقرأ للجمهور وجوب القضاء. وعند ما أريد القضاء أقرأ لأحد العلماء جزاهم الله خيرا أنه حتى وإن قضاها فلا تقبل، أخاف أن أقضي فلا تقبل، وأخاف ألّا أقضي فأقف يوم القيامة وعليّ من القضاء ما عليّ، إذ قد تصل إلى 11 ألف صلاة تقريبا تزيد أو تقل. هذا من جانب؛ ومن جانب آخر بعد الاستقامة ابتليت بالوساوس، وكان من الوساوس وساوس انتقاض الوضوء بخروج ريح ( وهذه حصلت معي مع أكثر من صلاة، حيث أقف وأفكر هل هذه حقيقة أم وسوسة، فأعتبرها وسوسة، لكن في مواقف أخرى أتأكد من أنها حقيقة، فأتذكر الصلاة التي اعتبرتها فيها بأنها وسوسة فأتردد بين قضائها أو عدم قضائها) وأيضا وساوس النجاسات، والطهارة، وتكبيرة الإحرام (حيث إني أشك وأصاب بوسوسة بأني كبرت والإمام يكبر في نفس الوقت، لكن يغلب على ظني أني كبرت بعد الإمام، فتأتي وساوس بأني لم أكبر أصلا، فيصيبني ضيق صدر و أقنع نفسي بأني قمت بالصواب- هذه الحالة تأتيني عندما يضعف تركيزي بسبب تشتيته من أحد المصلين الذي يرفع صوته بالتكبير، أو ممن يتأخر بالتكبير فأشك هل كبرت؟؟ -)
أنا يا شيخ خائف من كلا الأمرين من الاختلاف على وجوب القضاء، وعلى مجاهدة الوساوس حيث إنها لا تأتي دائما بهذه القوة تأتي مثلا أربعة أيام بشكل قوي جدا ((يكون فيها صدري ضيقا، وبالي مشغول وغير خاشع، وخائف من غضب الله علي إذ قد أكون مفرطا في ترك الصلوات؛ لأني أحكم بأنها وساوس وأخاف بأنها حقيقة)) وبعدها تأتي أيام تخف لدرجة كبيرة، يكون فيها خشوعي عاليا، وصدري منشرحا جدا لدرجة أحيانا أخاف من هذا الانشراح، و أفكر ماذا فعلت لينشرح صدري هكذا))
فضيلة الشيخ أأسف على الإطالة، لكن صدقني إني خائف من الله تعالى في حكم كلا الحالتين. فهل من توجيه لهذا الشاب أثابكم الله تعالى ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنحمد الله أن منّ عليك بالاستقامة والهداية, واعلم أن الأحوط لك والأسلم هو أن تقضي ما فاتك من العبادات الواجبة التي تركتها أو عرضتها للبطلان، مهما كثرت، وهذا مذهب جمهور أهل العلم, وهو المفتى به عندنا. وانظر الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 51257. 43152. 96477. واعلم أن من أتى بشيء على مقتضى التقليد لمن يثق بعلمه ودينه، فإنه قد أتى بالواجب عليه وسقطت عنه عهدة التكليف؛ لأن هذا هو ما أرشد الله عباده له فقال سبحانه: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}. قال الإمام ابن عبد البر: أما من قلد فيما ينزل به من أحكام شريعته عالما، يتفق له على علمه، فيصدر في ذلك عما يخبره فمعذور، لأنه قد أدى ما عليه وأدى ما لزمه فيما نزل به لجهله، ولا بد له من تقليد عالم فيما جهله، لإجماع المسلمين أن المكفوف يقلد من يثق بخبره في القبلة لأنه لا يقدر على أكثر من ذلك.

وعليه، فإن أخذت بأحد القولين عن تقليد لمن تثق بعلمه ودينه، فقد برأت ذمتك بذلك. وللفائدة انظر الفتاوى التالية أرقامها: 5592. 42717. 62198.

وأما بالنسبة للوسواس الذي يأتيك، فننصحك بدفعه ما استطعت إلى ذلك سبيلا ً وعدم الالتفات إليه, إلا أن تتيقن خروج ريح منك أو تسمع صوتاً، أو تجد ريحاً كما ذكر في الحديث. فعند ذلك تعيد الوضوء والصلاة. وكذلك بقية الوساوس. فلا تخرج من صلاتك إلا بتيقن الإتيان بالمفسد، وإلا فامض في صلاتك ولا تلتفت للوساوس. واعلم أنه لا أثر للشك والوسوسة بعد انقضاء الصلاة. فما قد صليته معتقداً صحة الصلاة فلا شيء عليك فيها. واعلم أن الوسواس حسب سؤالك يأتيك في أزمنة دون أزمنة, وعلى ذلك فعليك أن تبحث عن الأمور التي تسبب لك الوسوسة فتتجنبها, والأمور التي تدعوك إلى الخشوع فتلزمها. ونسأل الله تعالى أن يشفيك من هذه الأمور, وأكثر من دعاء الله أن يفرج عنك ما أنت فيه. وانظر فتاوينا التالية أرقامها: 56647. 64469.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني