الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من يتولى عقد نكاح المرأة إذا لم يكن لها ولي

السؤال

كنت طالبًا في الجامعة, وخلال دراستي تعرفت إلى فتاة ملتزمة متدينة, وطلبت منها أن أعرفها داخل الجامعة, على أن أذهب لأخطبها بعدما ننتهي من الدراسة, وفعلًا لم أعرفها إلا داخل حدود الجامعة, وبعد التخرج ذهبت لأخطبها - وهنا تبدأ مشكلتي - فهي بنت يتيمة الأبوين, وقد تربت عند أختها وزوج أختها من الصغر, والسبب أن أختها عندها بنات في نفس عمرها, والسبب الثاني أن حالة إخوتها ليست بالجيدة, أما زوج أختها فحالته جيدة, وقبل أن يذهب الرجال ذهبت النساء أولًا, وبعد ذلك طلب زوج أختها مقابلتي, فقلت: لا بأس؛ لأني أريدها بالحلال, وظننته يريد أن يستفسر عني, ويراني ليأخذ فكرة عني, ولكنه كان يريدني بشيء آخر تمامًا - وهو أساس الموضوع الذي أريد أن أستفسر عنه - فقد قال لي: هذه البنت ليست بأخت زوجتي, وليست ابنت أم وأبي زوجتي, والبنت نفسها لا تعرف, وقد سألته: أين أبواها؟ فقال لي: عند ولادتها توفيا بحادث سير, وأمها الأصلية طلبت من أم زوجته قبل أن تتوفى أن تأخذها وتربيها, وربتها فعلًا مع بناتها, وعندما ماتت الأم أيضًا أوصت ابنتها الكبرى وزوجها برعاية الفتاة دون أن يخبراها عن شيء, وهو أخبرني بهذا الكلام للأمانة واجتنابًا للغش, وطلب مني التفكير, وقد استخرت وفكرت, وخطر ببالي أن الله بعثها لي كي أكمل رعايتها, ولو كان أحد غيري – ربما - لما وافق عليها, وذهبت وخطبتها, وأنا أنتظر الزواج الآن, فهل في ما فعلته شيء من الحرمة؟ وهل عليّ فعل شيء معين؟
شكرًا جزيلًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا حرج عليك في أن تتزوج من الفتاة المذكورة, وقد أحسنت في كونك عزمت على ذلك إحسانًا إليها, وكن على ثقة من أن الله تعالى لن يضيع أجرك, فإنه سبحانه لا يضيع أجر من أحسن عملًا - كما أخبر في كتابه الكريم - ولكن زواج المرأة لا يصح بغير ولي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها فنكاحها باطل. رواه أبو داود وغيره، وصححه الشيخ الألباني.

وأولياء المرأة الذين يصح لهم تزويجها هم على الترتيب: أبوها, ثم جدها، ثم ابنها، ثم أخوها الشقيق، ثم الأخ لأب، ثم أولادهم وإن سفلوا، ثم العمومة، وانظر الفتويين: 63279، 22277.
وعليه, فالواجب في تزوجك من تلك الفتاة أن يكون عن طريق وليها، فإن لم يكن لها ولي يصلح لتزويجها فإنه يزوجها القاضي المسلم بإذنها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: فالسلطان وَلِي من لا وَلِي له.

فإن تعذّر وجود القاضي المسلم، تولى زواجها رجل يوثق بعدالته من المسلمين, قال ابن قدامة: فإن لم يوجد للمرأة ولي ولا ذو سلطان, فعن أحمد ما يدل على أنه يزوجها رجل عدل بإذنها.

وانظر الفتوى رقم: 10748.

واعلم أنه إذا كان الذين تكفلوا برعاية الفتاة قد نسبوها إلى أنفسهم, فإنهم بذلك قد ارتكبوا أمرًا محرمًا من كبائر المحرمات, ولا يترتب على هذا التبني محرمية ولا إرث, والواجب إبطال هذا النسب, وتعريف الفتاة بنسبها الحقيقي، وانظر الفتوى رقم: 58889.

كما ننبهك إلى أن التعارف بين الرجال والنساء الأجنبيات في الجامعة أو غيرها - وإن كان بغرض الزواج - أمر لا يقره الشرع, وهو باب فتنة, وذريعة فساد وشر، وانظر الفتوى: 1932.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني