الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المتبادر أن المال منحة من الحكومة للبنت، ولا حق للوالد فيه

السؤال

امرأة تعمل مدرسة في التربية والتعليم في مصر وولدت بنتا ثم ماتت بعد الولادة، وليس لها من الذرية إلا هذه البنت، فتزوج زوجها امرأة أخرى وترك ابنته مع أهل الأم لتربيتها ولم يتكفل بالنفقة عليها، والبنت منذ الصغر وهي مع أهل الأم وينفقون عليها حتى كبُرت وصارت عروسا فجهزها والدها للزواج ـ مصاريف الزواج ـ وتزوجت، وبعد وفاة الأم كان يُصرف لها مبلغ كل شهر من أجل ابنتها الرضيعة ولا يُسلم المبلغ إلى البنت إلا بعد سن الرشد، ويتم تخزين المبلغ الشهري في صندوق تابع للتربية والتعليم حتى تبلغ البنت سن الرشد فيعطى لها، وقد حدث ذلك بالفعل، والمبلغ كبير والأب يريد أن يأخذه والبنت ترفض أن تعطيه المبلغ أو شيئا منه، فهل هذا المبلغ يعتبر إرثا ويجب تقسيمه على الورثة أم لا؟ وماذا نفعل؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالمال الذي صُرف للبنت بعد وفاة أمها إن كان في أصله مستحقات مالية لتلك الأم على جهة العمل كانت تُستقطع من راتبها فإن المبلغ يعتبر تركة ويقسم بين ورثتها ومنهم زوجها وابنتها, وأما إن كان المبلغ هبة من جهة العمل أو الدولة ـ كما هو ظاهر السؤال ـ فإنه لا يكون تركة ولا يقسم بين الورثة، وإنما يكون لمن تحددهم الجهة المانحة، فإن قالت الجهة هو للبنت فإنها تختص به وليس لوالدها الحق في انتزاع المبلغ منها، ولكن قد دلت الشريعة على أن الوالد له أن يأخذ من مال ولده بشروط ذكرناها في الفتويين رقم: 46692، ورقم: 104517.

ودلت الشريعة أيضا على أن الوالد إذا كان فقيرا فإن نفقته تجب على ولده الموسر ذكرا كان أو أنثى متزوجة كانت البنت أو غير متزوجة، كما بيناه بشروطه في الفتاوى التالية أرقامها: 158361، 33090، 154895.

ولذا، فإننا نوصي تلك البنت ببر والدها طاعة لله تعالى ورغبة فيما عنده، وأن تعطيه من المال ما لا تتضرر بأخذه، وأن تنفق على والدها إذا كان فقيرا وكانت هي موسرة، وأن لا تقابل إساءته إليها بمثلها، فإن حق الوالد عظيم وقد أمر اللهُ الولد بصحبة والديه بالمعروف ولو أمراه بالكفر، فقال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان: 15}.

والمعنى أنهما إن حَرَصَا عليك كل الحرص على أن تتابعهما على الشرك فلا تقبل منهما ذلك، ولا يمنعنَّك ذلك من أن تصاحبهما في الدنيا معروفا أي: محسنًا إليهما, قال القرطبي: والآية دليلٌ على صلة الأبوين الكافرَيْن بما أمكن من المال إن كانا فقيرين وإلاَنة القول.. اهــ.

فإذا كان هذا في الوالد الكافر فكيف بالمسلم؟ فهو أولى بالصلة والبر والإحسان.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني