السؤال
أعمل في مجال كتابة عقود المقاولات لشركة مقاولات، حيث يتم إبرام هذه العقود مع مقاولين فرعيين بغرض إسناد جزء من الأعمال الرئيسية الخاصة بالشركة إليهم، وتشترط هذه العقود على المقاولين الفرعيين تقديم كفالة بنكية من أي بنك ـ سواء كان ربويا أو غير ربوي ـ كضمان لالتزامه بتنفيذ الأعمال المسندة إليه، ويشترط هذا العقد أيضاً على المقاول الفرعي أن يقدم وثيقة تأمين خاصة بعماله وإلا فسيتم خصم مبلغ معين من قيمة عقده مقابل شموله ضمن وثيقة التأمين الخاصة بالشركة، إضافة إلى كلفة بنكية أخرى يشترط على المقاول الفرعي أن يقدمها في بعض الأحيان، علماً بأن العقد لا ينص على إحضار الكفالة من بنك محدد وغالبا ما تكون الكفالة البنكية من أحد البنوك الربوية ـ علماً بأن هذه الشروط الموضوعة في العقد لا يمكن تغييرها، فهذه شروط الشركة لإبرام أي عقد مع المقاولين الفرعيين ـ وفي بعض الأحيان يتطلب مني الأمر الاطلاع على هذه الكلفة والتدقيق عليها، هذا بالإضافة إلى أن عملي يتضمن مراجعة وتدقيق عقود الاعتماد المستندي ـ البنكي ـ الخاصة بتوريد المواد من الدول الأخرى، وهذا البنك الذي يتم إبرام عقود الاعتماد المستندي معه بنك ربوي، فهل يجوز لي أن أعمل في هذا المجال؟ وهل يتحتم علي ترك العمل فورا، علما بأنه لا توجد لدي وظيفة أخرى متاحة في الوقت الحالي؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل جواز العمل في كتابة العقود، لكن يشترط لجواز ذلك كون هذه العقود موافقة للشرع، وأما إذا اشتملت على مخالفة شرعية فلا يجوز العمل فيها، لأن ذلك عون على المعصية، وقد قال المولى سبحانه وتعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } المائدة:2}.
وفي صحيح مسلم عن علقمة بن عبد الله قال: لعن الله آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء.
قال النووي ـ رحمه الله ـ في شرحه لصحيح مسلم: هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابين والشهادة عليهما، وفيه تحريم الإعانة على الباطل.
وعليه، فلا يجوز العمل في كتابة وتوثيق عقود تتضمن شروطا محرمة كإلزام الطرف الثاني في العقد بالدخول في معاملة ربوية أوتأمين تجاري أوغير ذلك، وكون هذه الشروط ثابتة لا يبيح لك التعاون مع أصحابها على إثمهم وباطلهم، وإذا كان الغالب على المتعاملين معكم هو الدخول في معاملات محرمة كالاقتراض بالربا والتأمين التجاري وكان عملك يستلزم طلب ذلك وتوثيقه ومتابعته ولا يمكنك تجنبه فيلزمك تركه، إذ العبرة بالغالب إلا إذا كنت لا تجد عملا غيره، وأنت بحاجة إليه في تحصيل قوت يومك، فلك البقاء فيه حتى تجد غيره مع البحث عنه والسعي فيه، وللتفصيل حول خطاب الضمان البنكي انظر الفتوى رقم: 63191.
والله أعلم.