الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس للزوج منع أولاد زوجته من غيره من زيارتها

السؤال

زوجة ضيق عليها زوجها الثاني من ناحية أبنائها من زوجها الأول حيث يفرض أن تكون رؤيتها لهم لدى بيت أهلها كل شهر مرة علماْ أنها تسكن في بلد يبعد عن بيت أهلها بـ ( 400 ) كم. بحجة أنه هو الذي يتحمل توصيلها. وهي لن ينهكها أعباء السفر ولكن زوجها الأول يقيم في نفس البلد التي تقيم فيه مما يجعله يرفض هذه الفكرة ويقول: للأم الحق أن أحضر أولادها في أي بيت من بيوت أقاربها في البلد الذي تسكن فيه أما أن أسافر من أجل توصيل الأولاد ليروا أمهم فهذا مرفوض .فقام الزوج الثاني وأودع الزوجه لدى بيت أهلها منذ خمسة شهور ويقول إذا حلت المشكله فأنا مستعد أرجعها هل يجوز أن أطلب منه الطلاق علماْ أني حامل منه ولا أريد الاستمرار مع زوج يمسكني من أجل أن أكون وعاءْ للولد ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد قال الله تبارك وتعالى:وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19].
وقال تعالى:فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَان [البقرة:229].
وقال تعالى:وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَة [الروم:21].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: واستوصوا بالنساء خيراً. رواه البخاري ومسلم.
فهذه وأمثالها من النصوص الشرعية تدل على أن الحياة بين الزوجين تقوم على الحب والود، والإيثار وعدم المشادة عند الاختلاف، لأن التحلي بالأخلاق الكريمة مما ندب إليه الشرع وحث على الاتصاف به على وجه العموم، فلأن يلتزم بها المسلم مع زوجته وأهل بيته من باب أولى، لقوة الرابطة التي بينه وبينهم، والتي وصفها الله تعالى في القرآن بقوله:وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً [النساء:21].
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم دعا بالرحمة للمتسامح في البيع والشراء فقال: رحم الله رجلاً سمحاً، إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى. رواه البخاري.
وهو عقد من العقود التي شرعها الله وهو أدنى في مكانته في الإسلام من عقد الزواج، فلأن يتسامح الزوج مع زوجته في علاقة قامت على عقد من أوثق العقود التي شرعها الله من باب أولى.
ولذلك فإننا نوصي الزوج بتقوى الله تعالى، وبالسماح لزوجته برؤية أولادها في المكان المتيسر، ما لم يترتب على ذلك مفسدة محققة، لأن اشتراط الزوج على زوجته ألا ترى أولادها إلا في مكان يشق عليه وعليها الذهاب إليه، مما ينافي المعاشرة بالمعروف، وفيه من الإضرار بها ما فيه، خصوصاً إذا أصر أبو الأولاد على ألا يأتي بهم إلى ذلك المكان، وقال تعالى:وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِن [الطلاق:6].
وقد نص أهل العلم على أنه ليس للزوج منع أولاد زوجته من غيره من زيارتها - قال في مختصر خليل: لا منع أبويها وولدها من غيره أن يدخلوا لها.
لذا فلا يجوز للزوج الثاني أن يمنع أولاد زوجته من زيارتها ويفرض عليها رؤيتهم في المكان البعيد الذي يشق عليها وعلى أبيهم إحضارهم إليه.
ونذكر هذا الزوج الحالي بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم بالنساء، فقال كما في الصحيحين: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، واستوصوا بالنساء خيراً فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيراً.
وبقوله صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي وابن ماجه.
فعليه أن يرفق بزوجته وأن يسمح بزيارة أولادها لها في المكان المناسب.
كما ننبه الأخت الكريمة إلى أنه لا يجوز لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تطلب الطلاق من زوجها إلا إذا كان ثمة ضرر من استمرار العلاقة الزوجية به، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
2019.
فإن تأزمت العشرة بين الزوجين فعليهم باتخاذ الخطوات المشروعة قبل الإقدام على الطلاق، وقد سبق بيان هذه الخطوات في الفتوى رقم:
17723 والفتوى رقم: 3748.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني