الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من عنده رواتب لعمال لا يستطيع إيصالها إليهم

السؤال

كنت أمتلك شركة في إحدى الدول العربية، وهي شركة للعمالة الآسيوية، وكان يعمل لدي عدد من العمال الآسيويين، وعندي بعض الأسئلة أرجو أن تساعدوني فيها: أولاً: لم يكن بعض العمالة على كفالة الشركة، مما أدى إلى إغلاقها وسجني وسجن العمالة التي ليست على كفالة الشركة وإبعادنا من البلاد، وكان لهؤلاء العمال رواتب لدي لم أتمكن من دفعها لهم آنذاك لسبب قهري، وكانوا آنذاك في السجن وتم تسفيري وهم في السجن، وأنا الآن لا أعلم ولا أستطيع الوصول إليهم نهائياً لإرسال رواتبهم إليهم ـ وليغفر لي ربي على تقصيري.
ثانياً: لا أعلم عدد العمالة بالضبط الذين لم يتمكنوا من أخذ رواتبهم، إذ إن هذا الأمر مضى عليه سنتان، وقائمة الرواتب التي بحوزتي لا تبين من أخذ ومن لم يأخذ، وعندي تقدير لعدد هؤلاء العمال، والآن رزقني الله بمال وأستطيع دفع هذه الرواتب وأبقيتها في ذمتي مادمت على قيد الحياة.
ثالثاً: في بداية عملي في الشركة، كان العمل لا يقتضي أي توقف من العمالة، وهناك بعض منهم أبلغتهم أنهم إن لم يتموا عملهم فسأوقفهم وأعتذر عن دفع الراتب، فقاموا بإيقاف العمل ولم أعطهم رواتبهم، فما الحكم في هذة المسألة، ولا يمكنني حالياً أن أصل إليهم لإعطائهم رواتبهم.
رابعاً: كيف لي أن أبرئ ذمتي أمام الله وأمام حقوق هؤلاء العباد، إذ لا ذنب لي ولا لهم في التقصير في دفع الرواتب آنذاك؟ وهل لي أن أزكي بمبلغ معين أو بمبلغ هذه الرواتب؟ وهل تبرأ ذمتي أمام الله وأمامهم يوم القيامة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فخلاصة جواب ما سألت عنه: هو أن الواجب عليك السعي في إيصال ما ثبت في ذمتك من حق العمال إليهم بالطرق الممكنة، فإن لم تستطع ذلك وأيست منهم فيسعك أن تتصدق بحقوقهم عنهم، ولو جهلت مقدارها فاجتهد حتى تخرج ما يغلب على ظنك براءة ذمتك به، فهذا هو المستطاع، وقد قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16}. وقال: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة: 286}.

وجاء في مطالب أولي النهى للرحيباني ناقلا عن ابن تيمية ـ رحمه الله ـ قوله: إذا كان بيد الإنسان غصوب أو عواري أو ودائع أو رهون قد يئس من معرفة أصحابها، فالصواب أن يتصدق بها عنهم... وكان عبد الله بن مسعود قد اشترى جارية فدخل بيته ليأتي بالثمن فخرج فلم يجد البائع فجعل يطوف على المساكين ويتصدق عليهم بالثمن ويقول: اللهم عن رب الجارية. اهـ

وأما ما ذكرت من توقف العمال عن العمل: فلم يتضح لنا مرادك منه وعلى كل حال، فيمكن أن تستفيد من تفصيل حسن بيناه في الفتوى رقم: 169861.

وأما التأخر في دفع تلك الرواتب: فلا إثم عليك فيه، لكونه لم يقع عن تقصير منك، وقد قال تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ {البقرة:280}. وقال أيضا: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا {الطلاق:7}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني