السؤال
أنا شاب في العشرين من عمري، لا زلت أدرس، وينفق علي والدي، لكني أحاول أن أكسب بعض الرزق من عمل بسيط في مجال المعلوميات، والعمل حلال طبعا، لكني لم أوفق بعد.
سؤالي هو أني عاهدت الله أن أتصدق براتبي الأول كله، حمدا لله على عونه ومدده، لكني قبل هذا كنت قد نويت بعض ما أنفق علي والدي كسلف اقترضته، ذلك لما في مال والدي من مال حرام، المال ليس كله حراما ، لكن والدي إذا استعصى عليه أمر يلجأ إلى الرشوة، أو يخلف عهدا -عافانا الله و إياكم- لقد نصحت له لكنه لا يستمع ويقول إنه مضطر.
أريد أن أخبركم أني أزكي ذلك المال الذي آخذه بما فتح الله علي، لأني أرى أنه مال فيه حلال وحرام.
فما رأي فضيلتكم، هل أتصدق براتبي أم أرده لوالدي؟؟
اسألوا الله لي بالسداد والتوفيق، بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان العهد المذكور قد وقع بصيغة النذر أو ما يدل عليه، كأن تكون قد قلت: لله علي أن أتصدق بأول راتب ونحو ذلك. فإن هذا يعتبر نذرا يجب عليك الوفاء به ما دمت تستطيع ذلك؛ قال الله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ [الحج:29].
وقال: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ [النحل:91]. وأثنى على من صدق وعده، ووفَّى بنذره، فقال سبحانه: وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا [البقرة:177].
وذم الناكل عن الوفاء بعهده فقال: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ* فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ* فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ [التوبة:75-77].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري .
وعلى هذا التقدير، فليس لك أن تتصرف فيما نذرته على وجه آخر يخالف ذلك. وأما إذا كان العهد المذكور هو مما حدثت به نفسك دون التلفظ به على وجه ينعقد به النذر، فإنه لا يلزمك فيه شيء، ولك أن تفعل براتبك ما تشاء من التصدق به، أو دفعه لوالدك. مع التنبيه على أن ما ذكرته من نيتك أن ترد إلى أبيك ما أنفقه عليك من ماله، لايلزمك فعله. إذا كان الأب متبرعا بما أنفق، أو كان ذلك من النفقة الواجبة؛ وانظر الفتوى رقم: 169927.
وكون الأب في ماله شبهة حرام، فإن ذلك لا يجعل ماله كله حراما، وقد بينا جواز معاملته فيه في الفتوى رقم: 21522
والله أعلم.