السؤال
جزاكم الله خيراً على ما تبذلونه من مجهودات، وما تقدمونه من خير للأمة، وإنا لنستفيد كثيراً بفضل الله أولاً ثم بفضلكم. هنيئاً لكم، وثبت الله أجركم.
أنا مقتنعة بوجوب النقاب، وأرغب بشدة في ارتدائه، ولكن أمي ترفض بل وتمنعني. المشكلة هي أن الحل لا يكمن في مجرد إقناعها، فهي ترفض حتى الحديث في الموضوع، وأنا أظن أن عدم قبولها سماعي ناتج عن كونها لا تملك الحجة المقنعة، ولكنها تخاف من المستقبل وتعتبر أن هذا تشدد. فكلما فاتحتها في الموضوع غضبت غضباً شديداً، هي لطيفة ومتفهمة بطبعها إلا في هذا الموضوع، فكأنها شخص آخر. وقد أصبحت أخاف عليها، وأحذر كثيراً منها، خاصةً وأنها لم تستوعب فكرة انفصالي عن الدراسة بسبب الاختلاط، وأنا حديثة عهد بذلك، وهذا ما جعلها تعتبر كل تصرفاتي فيها تشدد، وتذكرني دائماً أن ما فعلته يكفي ولا تتحمل أكثر!
أنا في حيرة من أمري! أفتوني فيما يتوجب علي فعله.
جزاكم الله خيراً كثيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على إعجابك بموقعنا، ونسأل الله أن يوفقنا إلى ما فيه نفع المسلمين، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، ويجنبنا الخطأ والزلل بمنه وكرمه عز وجل.
وقد سبق لنا الكلام عن طاعة الوالدين في خلع النقاب، وفي الدراسة في الأماكن المختلطة، وذلك في الفتوى رقم: 31277، والفتوى رقم: 20352 فراجعيهما.
ونوصيك بالتلطف بأمك، والحرص على برها والإحسان إليها، وتحمل ما يمكن أن يصدر عنها من إساءة، فقد يكون ذلك معينا لك على كسب ودها، واتقاء شرها؛ قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}.
وأما إقناعها فلا يلزم أن يكون من جهتك أنت، بل يمكنك الاستعانة عليها بمن ترجين أن تقبل قوله. ولا تنسي الدعاء، فهو من خير ما يستعان به في تحقيق المرتجى؛ قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}. فقد وعد سبحانه بإجابة من دعاه، وكلما روعيت آداب الدعاء كلما كانت الإجابة أرجى، والدعاء أسمع. وراجعي آداب الدعاء بالفتوى رقم: 119608.
والله أعلم.