السؤال
سؤالي عن دين على والدي، والموضوع يحتوي على بعض المصاعب، فأرجو من فضيلتكم التركيز معي، والإفادة جزاكم الله عني وعن المسلمين خيرا؛ لأني في أمس الحاجة للإجابة الواضحة الشفافة، وإن لم أحصل على الإجابة الكافية أعلم أني سأرتكب خطأ فادحا، ولكن يعلم الله بنيتي، وعندما أقف أمام يدي الله، سوف أشهد أني قد ذهبت وسألت أهل الذكر، وهذه هي إجابتهم.
موضوعي أن والدي قد توفي منذ عام، وكان يعمل في وظيفة، وإلى جانب الوظيفة كان يعمل عملا حرا، ولكن هذا العمل الحر لا يسمح به في الخليج إلا عن طريق كفيل، وبالفعل والدي حصل على كفيل، وعمل على اسم الكفيل. وبعد وفاته ترك لنا أراضي، وعقارات في حالة ما إذا بعناها بأعلى سعر يمكن أن نحصل على ما يعادل 1000000 ريال، ولكن المشكلة هنا أن الوالد ترك لنا ديونا تعادل 30000000 ريال. ولكن بعد وفاته قالوا لي نحن نملك شيكات، وسوف نشتكي كفيل والدك، مع العلم أنهم يعلمون جيدا أن الكفيل ليس له أي مصلحة، ولم يكن مستفيدا بأي شيء، ولكني عرضت عليهم أننا لا نملك سوى 1000000 ريال وسوف نقسمها على كل من له مال عند والدي، فرفضوا رفضا تاما، وقالوا نحن نريد المال الآن. لا أعلم ماذا أفعل مع والدي المعلق بسبب هذا الدين، مع العلم أنني قبل وفاته بأسبوع قلت له: أنا ابنك لماذا لا تقول ما الذي عليك وماذا لك؟ أنا من سيحمل عنك لو حصل شيء. قال لي: ليس علي شيء لأحد، وذكر بعض الناس الذين له عليهم فلوس فقط، ولم يقل الباقي، ولكن فوجئت أن هناك أناسا آخرين عندهم شيكات من والدي. وأنا لا أعلم الآن ماذا أفعل.
فهل لنا الحق في التصرف في هذا المال أم لا؟ بمعنى تقسيمه أم لا مع العلم أني عرضت عليهم المال ورفضوا؟
المشكلة الثانية أن والدتي تقول إنها تريد أن تشتري شقة لي أنا وأخي.
فهل يجوز ذلك، مع العلم أنه لو تم شراء الشقة، والناس الذين لهم ديون وافقوا على أن يأخذوا المال، سوف نبيع الشقق ونرجع لهم المال، ووالدتي تقول إنها تريد أن تزوج أخي، وإخوتي من هذا المال، وأيضا نحن لا نملك غير هذا المال لكي نعيش منه.
فماذا أفعل؟
أعلم أن الموضوع فيه بعض الصعوبات والمتاهات، فالرجاء مساعدتي وجزاكم الله عني خيرا .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد ذكرت في سؤالك أن والدك نفى قبل موته أن يكون عليه دين لأحد, هكذا" أنا مفيش عليه حاجة لحد " وبعد موته ادعى بعض الناس أن لهم عليه دينا وأظهروا شيكات بذلك. وإذا كان واقع الحال كذلك، فإن الشيك من خصائصه أنه ليس ورقة نقدية وإنما هو وثيقة بدين، كما جاء في مجلة البحوث الإسلامية في عددها السادس والعشرين.
وعليه؛ فالشيك قد يقوم مقام البينة حتى لو اعتبرناه مجرد وثيقة بحق.
جاء في منح الجليل: إذا كان بوثيقة في يد الطالب؛ لأن بقاءها بيده دليل على أنه لم يقضه دينه، إذ العادة أنه إذا قضى الدين أخذ عقده أو مزقه.
وعليه؛ فمرد تلك المسألة إلى القضاء ليفصل فيها، وقد يعتبر الشيكات بمجردها بينات كافية لثبوت حق أصحابها، وقد يطلب منهم غير ذلك.
قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في كتابه الطرق الحكمية: والمقصود أن " البينة " في الشرع: اسم لما يبين الحق ويظهره، وهي تارة تكون أربعة شهود، وتارة ثلاثة بالنص في بينة المفلس. وتارة شاهدين، وشاهدا واحدا، وامرأة واحدة، وتكون نكولا ويمينا، أو خمسين يمينا، أو أربعة أيمان. وتكون شاهد الحال في الصور التي ذكرناها وغيرها، فقوله - صلى الله عليه وسلم - «البينة على المدعي» أي عليه أن يظهر ما يبين صحة دعواه، فإذا ظهر صدقه بطريق من الطرق حكم له.
وبناء عليه؛ فإذا لم تصدقوا أصحاب الشيكات في دعواهم الدين على المورث، فيمكنهم رفع المسألة للقضاء للفصل فيها. فإن ثبت حقهم فيما ادعوه، فإن التركة كلها تكون لهم وليس للورثة شيء منها ما دام الدين يستغرق التركة, ومن المعلوم أن الدين مقدم على حق الورثة في المال؛ لقول الله تعالى في آيات المواريث: { ... مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ... } النساء : 11 , ولا يجوز لأحد من الورثة أن يأخذ شيئا من التركة قبل قضاء الدين. وإذا كان الدين أكبر من التركة، فإن الدائنين يتحاصصون التركة بينهم فيأخذ كل واحد منهم منها بقدر نسبة ما له من الدين كله, فمن كان له ربع الدين الذي على الميت أخذ ربع التركة، ومن له نصف الدين الذي على الميت أخذ نصف التركة وهكذا. وانظر الفتوى رقم: 125065
والله تعالى أعلم.