السؤال
يقيم الشيخ دورة تجويد للقرآن الكريم وأمتنع عن حضورها بسبب موقف قديم حدث معي، وأفضّل دراسة تفسير القرآن أكثر من دروس تجويده، علما بأنني أعرف أحكام التجويد وأطبقها، لكنني أحس أنني إذا حضرت درس تجويد أخجل كثيرا ولا أنتفع، بل يصيبني كره للشيخ بسبب فظاظته معي، فهل علي إثم؟ وهل ينطبق علي الحديث الذي فيه ثلاثة: أولهم أقبل، وثانيهم استحيا، وثالثهم أدبر فأدبر الله تعالى عنه؟ وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا إثم عليك ـ إن شاء الله ـ في تخلفك عن دروس هذا الشيخ، وأما حديث أبي واقد الليثي، قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فأقبل ثلاثة نفر، فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب واحد، فأما أحدهما فرأى فرجة في الحلقة فجلس، وأما الآخر فجلس خلفهم، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أخبركم عن النفر الثلاثة؟ أما أحدهم: فأوى إلى الله، فآواه الله، وأما الآخر: فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الآخر: فأعرض فأعرض الله عنه. أخرجه الشيخان.
فليس فيه تأثيم كل متخلف عن مجالس الخير، قال ابن عبد البر: وأما قوله في الثالث: فأعرض فأعرض الله عنه ـ فإنه ـ والله أعلم ـ أراد أعرض عن عمل البر فأعرض الله عنه بالثواب، وقد يحتمل أن يكون المعرض عن ذلك المجلس من في قلبه نفاق ومرض، لأنه لا يعرض في الأغلب عن مجلس رسول الله إلا من هذه حاله، بل قد بان لنا بقول رسول الله فأعرض فأعرض الله عنه أنه منهم، لأنه لو أعرض لحاجة عرضت له ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك القول فيه، ومن كانت هذه حاله كان إعراض الله عنه سخطا عليه. اهـ.
وقال القرطبي: إن كان هذا المعرض منافقًا فإعراض الله تعالى عنه تعذيبه في نار جهنم، وتخليده فيها في الدرك الأسفل منها وإن كان مسلمًا، وإنما انصرف عن الحلقة لعارض عرض له فآثره، فإعراض الله تعالى عنه: منع ثوابه عنه وحرمانه مجالسة النبي صلى الله عليه وسلم، والاستفادة منه، والخير الذي حصل لصاحبيه. اهـ.
ولم نقف على الحديث بلفظ: أدبر فأدبر الله تعالى عنه ـ
واعلم أن جفاء الشيخ لا ينبغي أن يحول بينك وبين العلم الذي تنتفع به، كما يروى عن الشافعي قوله:
اصبر على مر الجفاء من معلمٍ فإن رسوب العلم في نفراتهِ
ومن لم يذق مر التعلم ساعةً * تجرع ذل الجهل طول حياتهِ
وانظر للفائدة حول علم التجويد الفتويين رقم: 181843، ورقم: 122561.
والله أعلم.