الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تقبل توبة من وقع في فاحشة بدون بكاء

السؤال

أنا طالب مبتعث إلى الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 2007 للدراسة في مجال البكالوريس، والحمد لله أنا من أسرة لا أقول بأنها ملتزمة، ولكن معتدلة، وكان والدي حريصا على ديننا؛ حيث إنه علمني أنا وإخوتي القرآن لدى أكثر من إمام مسجد منذ صغرنا، وكنا نحرص على صلاة الجماعة. لي حوالي 6 سنوات في الولايات المتحدة، والحمد لله لم أقرب أي كبيرة من الكبائر؛ حيث إن لدي مبدأ وهو: مهما قصرت في واجباتي الدينية، أو فعلت من محرمات فلن أقرب الكبائر مهما حصل. ولكن للأسف في الفترة الأخيرة لم أتمالك نفسي ووقعت في كبيرتين من الكبائر وهما: أنني لعبت اليانصيب، وليلة اليوم مارست الزنا والعياذ بالله.
من ناحية اليانصيب لم أشعر بالذنب كثيراً كما شعرت من ناحية الزنا؛ حيث إنني -ويشهد الله علي- بأنني نادم أشد الندم على ما فعلت. لقد زنيت بعاهرة أجنبية غير متزوجة، وغير مسلمة، كانت قد أعلنت إعلاناً بأحد مواقع الإعلانات. كنت أنوي أنني سوف أقضي معها وقتاً ما، وفي أشد الحالات أن أجعلها تمص قضيبي حتى أنزل المني بفمها، ولم أنو معاشرتها والدخول بها إطلاقاً، ولكن بعدما رقصت لي، طلبت منها أن تمص قضيبي وأنزل بفمها، ولكنها رفضت ولم تسمح إلا بالمعاشرة والدخول بها، وللأسف لعب الشيطان بعقلي، وكانت هذه أول مرة أمارس فيها الزنا ليلة اليوم، وبمجرد فعلي هذا وأنا نادم جداً لدرجة أنني فور ركوبي السيارة قمت بالبحث عن طريق جوالي عن كيفية التوبة من الزنا والاستماع إلى المشايخ. أنا نادم أشد الندم على فعلتي، ولا أنوي العودة لها، ولن أعود حتى لما تسببه من مغريات، وسوف أرجع لربي وأصلي جميع الصلوات، وأصوم، وأتصدق ليغفر الله لي لعل وعسى يغفر الله لي، ويقبل توبتي، ويبدل سيئاتي حسنات.
ولكن عندما أبحث عن كيفية التوبة، وسماعي لقصص المشايخ جميعهم، يذكرون البكاء عند الندم، والبكاء الشديد، ولكنني لم أبك، ولم أشعر بإحساس البكاء رغم أنني نادم أشد الندم -والله شاهد علي- حتى إنني طوال الطريق في العودة وأنا أستمع للمشايخ، وفور وصولي لمقر سكني أكتب لكم رسالتي هذه لقراءة فتواكم. فإنني خائف بأن توبتي لن تكون مقبولة لأنني لم أصل لنفس المرحلة من التوبة التي أسمعها، وأقرأ بأنها تصل لحد البكاء الشديد من الندم.
يعلم الله بأني نادم أشد الندم، ولا أنوي العودة للزنا ولا لليناصيب، ولا لأي كبيرة من الكبائر ولا ما يتسبب فيها، ولكنني خائف بأن نسبة توبتي غير كافية، وأن الله لن يقبل توبتي.
فهل توجد طريقة ما أستطيع أن أعلم بها أن الله سبحانه وتعالى قد قبل توبتي أو لا؟
أريد أن أطمئن بأن الله سبحانه وتعالى يقبل توبتي، فوالله بأني نادم أشد الندم، وخائف من أن الله تعالى لن يقبل توبتي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يتوب عليك توبة نصوحاً، وليس من شك في أنك قد ارتكبت ذنبين كبيرين -والعياذ بالله- ولكن رحمة الله وسعت كل شيء، والتوبة إذا استوفت شروطها تجعل مرتكب الذنب كمن لا ذنب له. وقد تكلمنا عن التوبة من الزنا بالفتويين: 132007، 139721، وبه تعلم أنه لا يشترط البكاء في قبول التوبة، كما قدمنا بالفتوى رقم: 61613.

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة، الفتوى رقم ( 14341 )
س: سمعت في أحد الشرائط الإسلامية من أحد الشيوخ أنه يجب على المسلم أن يجلس في ساعة خلوة مع ربه ويدعو فيها بالتوبة.
وإذا بكت العيون، وفاضت من الدموع، فيعرف أن الله تقبل منه التوبة، وإذا لم يبك فإن الله لم يتقبل منه، فهل هذا صحيح؟ جزاكم الله خيرا.
ج: البكاء وجـلاً من الله وخوفـًا منه، وخشوعًا له سبحانه، وإخباتًا له، من صفات المؤمنين الصادقين، وقد أثنى الله على الباكين من خشيته، فقـال تعـالى: وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْـزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ. وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عينان لا تمسهما النار أبدا: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله. لكن لا يشترط في صحة التوبة البكاء، وإنما شروطها الإقـلاع من الذنب، والندم والعزم على عدم العودة إلى المعصية، وإذا كـان حقًّا لآدمي رده إليه.

وتكلمنا عن التوبة من اليانصيب بالفتوى رقم: 111423فراجعها.

ثم اعلم أن الإقامة في بلاد الكفر لا تجوز إلا في حالات معينة، وبضوابط مبينة ذكرناها في الفتوى رقم: 2007. ونسأل الله لك العافية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني