الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الزواج بعد قصة حب لا يبارك الله فيه ويكون مصيره الطلاق؟

السؤال

هل الزواج بعد قصة حب لا يبارك الله فيه ومصيره الطلاق؟ أنا شاب في 25 من عمري أحببت فتاة في 23 ليس لأجل الحب ولا حب المراهقين، بل أحببت أخلاقها وصدقها وعفويتها وهي متعلقة بي بشدة، ولم أكذب عليها يوما حتى في أبسط الأمور وأعترف لها بعيوبي، ووالله نيتي الزواج لا أكثر وهي موافقة، وترفض الزواج بغيري، ولم تشترط علي أي شيء، لكن ليس لدي المال حاليا وليس لدي عمل مستقر والسكن ـ بإذن الله ـ ليس مشكلة، نلتقي مرة في الشهر ويكون اللقاء أمام الناس، ونادرا جدا ما نتكلم على الهاتف، ورسائل sms أصبحت قليلة جدا، ولكننا نتكلم على الفيسبوك يوميا حوالي 3 ساعات، ونادرا ما نتبادل عبارات الحب أو الغزل أو الغرام، أعرفها منذ سنة ولم أجرأ يوما على لمسها ولو بالمصافحة، فأنا أرفض هذا الأمر قطعا وهي كذلك، فهي على قدر عال من الأخلاق والدين والتربية ومتفهمة للغاية، اكتشفت هذه الأمور قبل أن يبدأ الشعور بالحب تجاهها بكثير، وتوقظني دائما لصلاة الفجر وقمنا بختم القرآن في شهر، أنا لا أحاول تغطية الحرام بالدين، فالحرام يبقى حراما، فقط أريد أن أبين أنني أحببتها لدينها وخلقها، وهي متواضعة جدا من ناحية الجمال، أخشى ألا يبارك الله في زواجي إن تزوجت بها بسبب هذه المعاصي، فماذا أفعل؟ لم أندم على الفتاة لكنني ندمت على معصية الحب قبل الزواج، ولا أستطيع التخلي عن هذه الفتاة بصفة نهائية، فهل وقعت في الشرك، لأنني أفكر فيها في كل لحظة؟ ولم يرق لي أبدا أن أدخل نفق الحب، ولم أكن يوما أفكر في الزواج إلى أن ظهرت هذه البنت، أريد الزواج بها بشدة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالعبد المسلم إذا تاب بصدق إلى الله وندم تاب الله عليه، فمادمت صادق الرغبة في العفاف والحلال فلا تتوجس خيفة من آثار العلاقة السابقة الخاطئة بالفتاة، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، واعزم على النكاح منها إن كانت ذات خلق ودين ـ كما تصفها ـ فإن النبيّ صلى الله عليه وسلم ـ قال: لم يُر للمتحابين مثل النكاح. صحيح ابن ماجه.

ومادام مسكنك ودخلك مرضيا لها فلا تتأخر، لأن الله قد تكفل أن يغني الناكح يريد العفاف، وقد قال الغني الكريم جل جلاله: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور:32}.

فالنكاح من أبواب الرزق والغنى، وللمزيد في حكم الحب قبل الزواج تنظر الفتويان رقم: ‎4220‎ ، ورقم: ‎33115‎ .

فإن وُفّقت للزواج منها فلله الحمد والمنة، وإن لم توفق للزواج منها فمقتضى التوبة أن تقطع الصلة بها تماما، فإن العشق يهلك صاحبه، فإن لم ينته بنكاح آل إلى سفاح ـ عياذا بالله ـ ولعلاج داء العشق الوبيل تنظر الفتاوى التالية أرقامها: ‎ 9360‎‎ ، ‎215383‎ ، ‎138403‎ .

وحضور المحبوب في خاطر المحب كل حين لا يقتضي الوقوع في شرك المحبة ما لم تصل محبتها إلى درجة العبادة، قال ابن القيم: وأما المحبة الخاصة التي لا تصلح إلا لله وحده ومتى أحب العبد بها غيره كان شركا لا يغفره الله، فهي محبة العبودية المستلزمة للذل والخضوع والتعظيم وكمال الطاعة وإيثاره على غيره، فهذه المحبة لا يجوز تعلقها بغير الله أصلا، وهي التي سوى المشركون بين آلهتهم وبين الله فيها. اهـ

وللمزيد في تقرير شرك المحبة وعلاماته انظر الفتويين رقم: ‎177731‎ ، ورقم: 18165.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني