السؤال
لدينا مشكلة بين والدنا من جهة، واثنين من إخوتي، وأمي من جهة أخرى، وقد طردهما أبي من البيت، وطلق أمي، وأنا أصغر سنًّا من أخوي، وبحسب معرفتي، وتعمقي في الأسباب، تبين لي أنه ليس أي أحد من الجهتين على حق مطلق، ولكن الخطأ بين الجهتين، وكما تبين لي أيضًا أن والدتي مجاملة لأخوي في كل شيء، حتى إن نصحتهم، فتعطيهم نصيحة عابرة، لا يوجد فيها حزم حتى لو كان الغلط كبيرًا، علمًا أنهما يستمران في الغلط إلى الآن، والمشكلة أني كلما أردت أن أنصحها بأن تعقلهما، أو تهدئهما، فهذا والدنا مهما حصل منه، تغضب علي، وتأخذ موقفًا سلبيًا، وتتهمني بأني موالٍ لوالدي، مع أني أفهمها، وأقسم لها بأني أريد الخير للجميع، سؤالي هو:
1 -هل إذا طلبت أمي رأيي أعطيها رأيي الصواب حتى لو غضبت، أم أقول لها: لا أدري؟ علمًا أنها تأخذ رأيي بعض الأوقات فقط لتقيس تفكيري، وهي تعرف جوابي قبل أن تسألني.
2 -هل أستمر في نصحها حتى لو غضبت مني - جزاكم الله ألف خير -؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن تمام بر الوالدة، والنصح لها، أن يبين لها ولدها الحق بعد ما تبين له فيما يعتقده من أسباب، وحلول في المشاكل الأسرية، ملتزمًا بذلك أدب نصح الوالدة المقرر في الفتاوى: 18216، 224710، 109767 دون كذب، أو مداهنة؛ لأن الحق أحق أن يتبع، وإن كان مرًّا على نفسها؛ فقد قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: مَنِ الْتَمَسَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ، رَضِيَ الِلَّهِ عَنْهُ وَأَرْضَى النَّاسَ عَنْهُ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ، سَخَطَ الِلَّهِ عَلَيْهِ، وَأَسْخَطَ عَلَيْهِ النَّاسَ. رواه الترمذي، وصححه ابن حبان.
وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ {النساء:135}.
وأما الاستمرار في نصحها بعد أن عرَّفتها بالحقيقة - وقد علمت أن ذلك يغضبها - فقد منع منه أهل العلم.
جاء في الموسوعة الفقهية في ذلك: ولكن لا يتجاوز مرتبتي التعرف، والتعريف. اهـ.
قال صاحب نصاب الاحتساب: السنة في أمر الوالدين بالمعروف أن يأمرهما به مرة، فإن قبلا فبها، وإن كرها سكت عنهما، واشتغل بالدعاء، والاستغفار لهما، فإنه تعالى يكفيه ما يهمه من أمرهما. اهـ.
والله أعلم.