السؤال
أنا في حالة الله وحده يعلم بها، وأعتقد أني انتكست، وأظن أن عقيدتي فاسدة، وعانيت من الوساوس الشديدة طوال الفترة الماضية، وعدت إلى العادة السرية أكثر من مرة، وأكفر نفسي يوميًا، وعاهدت الله أكثر من مرة، ونقضت العهد، ولا أعلم كيف؟ لا أشعر بالحسرة لهذا، مقارنة بما كان لدي من شعور سابقًا، وأعتقد أن عقيدتي -والعياذ بالله- غير سليمة، أو على الأقل من أهل البدع بما أفعله من رضوخ لهذه الوساوس، وتكفير نفسي، ولا أعلم هل أنا مريض نفسيًا أم لا؟ ولا أعلم هل ما أصابني سحر، أم عمل، أم شيء خارج عن المألوف؟ وقرأت أن الوساوس لا يؤاخذ بها الإنسان إن دافعها، وكلما دافعتها تزيد، وأجد النتيجة عكسية؛ وأنا أخاف أن أوسوس في شيء معين من سب-والعياذ بالله-أو أفكار بعينها، فتغلب عليّ، فأوسوس فيها فعلًا، وتزيد وأحاول المدافعة، فأشعر بأن رأسي سينفجر، ولا أعلم ما حل بإيماني، وكيف أصبحت المعصية عليّ أهون، ولا أعلم سبب ما أنا فيه تحديدًا، وأشعر أني منافق حقيقي فعلًا، فكيف يظن بي الناس الخير وأنا أفعل كل هذا في اليوم؟ مارست العادة السرية مع أني عاهدت الله ألا أفعلها أبدًا، وقلت لنفسي: لا أعلم حتى لماذا أمارسها، ولا يوجد أصلًا شهوة؟ فقلت لنفسي: من الممكن أن يكون ذلك بسبب الملل، وأقصد من مجمل الوضع الذي أنا فيه الآن، فهل هذا يعني الملل من الدين؟ وأشك أني بهذا كفرت، فعلى سبيل المثال كنت أمازح أحد أفراد العائلة، وكان يتكلم بأسلوب ظاهره حسد، فنسيت ووضعت كف يدي في وجهه بخمسة أصابع، كما يفعل بعض العامة، ظنًّا منهم أن هذا يدفع الحسد، وفعلت هذا ناسيًا، وندمت في لحظتها، وسحبت يدي، مع علمي أن هذا شرك أكبر، واعتبرت نفسي كافرًا يومها، وحزنت، وأصبت بنوع من اليأس، وعدت للعادة وأنا أشعر أن تكفيري لنفسي، وشعوري الدائم بأني كافر يبعدني عن الله، ويجعلني أتساهل في المعاصي؛ لأني أصلًا أعتبر نفسي إما كافرًا، أو فاسد العقيدة، وأنا لا أوسوس بإرادتي، ولا أستطيع التجاهل، ولا أعلم طريقة التجاهل المقصودة: هل أتجاهل أم أدافع؟ وكيف ذلك؟ وأصبحت أشعر أن في قلبي كبرًا ناحية بعض أقوال العلماء، وأشعر أني بذلك أرد الدين لا الأقوال الفقهية، وأشعر أني كاذب، وأن الله قد يكون هداني ليريني الحق، ويريني حقيقتي أني لم أقبله، وأني لا أستحقه، وقد وصلت لمرحلة لا أعلم فيها كيف أنهي كل هذا، ولا أعلم كيف أتوب، حتى كيفية التوبة لا أعلمها، وأشعر أني عاجز عن التوبة، وإن كان في قلبي كفر فعلًا وأنا موسوس، هل يسامحني الله على عدم نطق الشهادتين، والتوبة من مكفر بعينه، والاستمرار في العبادات بحجة أني موسوس، ولا أعلم أكفرت أم لا؟ أشعر أني شخص مريض نفسيًا، وقلبيًا، وعقليًا، لكني أعقل كل ما حولي، وإرادتي بيدي، ولا أعلم ماذا حدث لي، فبعد الأنس بالله، وأجمل أيام حياتي قضيتها في التقرب من الله، انقلبت حالتي لأسوأ ما يمكن أن يكون عليه إنسان من أفكار، وخطرات فاسدة من كل النواحي، ومن زيغ وتشكيك، وظلمة غريبة، ولم أعد أعلم من أين أبدأ؟ وكيف أبدأ؟ وكيف أعلم أني لست بمنافق نفاقًا أكبر، ولست بكافر، وهذا شيء لا يعلمه إلا الله، وكيف أعلم أني في موقف معين قد كفرت أو لم أكفر؟
رجاء اصبروا على حالتي، وصفوا لي طريقًا أبدأ منه -بإذن الله- ولا تحيلوني لفتاوى أخرى، وهل الإنسان مؤاخذ بسب الدين في النفس دون التلفظ، ودون أن يستقر هذا في قلبه إن جاء هذا كخاطرة وانتهت؟ وهل هو مؤاخذ بأي حديث نفس؟ وكيف أعرف أن حديث النفس استقر في قلبي أو لا؟ علمًا أني لا أسيطر على حديث النفس، وكلما حاولت السيطرة زاد وتشعب، وظهرت نوعيات جديدة من الوسوسة.