السؤال
أختي - والله المستعان - تعيش قصة مأساوية مع زوجها، فهو لا يعاشرها، ولا يشاركها الفراش، إلا ما ندر منذ زواجهما، منذ قرابة خمس سنوات، ولا يحترمها، ويلقي عليها الألفاظ النابية، كأن يقول لها كلبة، وحيوانة، وهو عصبي جدا، وقاسي القلب، يهددها بالطلاق، والزواج عليها.
لا يخرج معها، ويقضي أغلب الوقت مع أهله، ولا يخصص وقتا لها، ولا يكتمل الأسبوع دون أن يسيء إليها أو يقاطعها، بل قد تمر الأيام دون أن يكلمها، ولا يسمح لها بإكمال دراستها، ولا أن تنجب أطفالا، بل ورمى عليها يمين الطلاق في أحد أيام العشر الأواخر من رمضان، ولكن كانت حائضا، فبقيت معه. وللأسف الشديد أنها أخبرت أمه، وأخته، ولكن لم تفعلا شيئا. هي تقرأ القرآن، والرقية الشرعية، بهدف إصلاح زوجها، كما أنها تقوم بواجباتها الأسرية كاملة بلا نقص. المشكلة أن حالتها النفسية أصبحت سيئة جدا. وتقول أتمنى أن أنتحر، وتتمنى أن يصيبها أي شيء بسبب معاملته القاسية، والفظة، وفوق هذا لا تريد الانفصال عنه، بحجة أن الصبر على هذا البلاء سيدخلها الجنة، وأنها تخاف من الانفصال، وأن تتزوج رجلا آخر متزوجا، أو أسوأ من زوجها، وتخاف من كلام الناس. وعندما أسألها عن حقوقها، تقول متنازلة عن حقوقي، الأهم أن لا أنفصل.
وبارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان حال زوج هذه المرأة كما ذكرت، فهو مسيء لعشرتها، وظالم لها، ومن حقّها التطليق عليه للضرر.
قال الدردير(المالكي) رحمه الله: ولها: أي للزوجة التطليق على الزوج بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعا كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها كذلك، وسبها، وسب أبيها ............. " اهـ من الشرح الكبير للدردير.
وإذا كانت صابرة على سوء عشرته، وراضية بإسقاط حقوقها، محتسبة أجر صبرها، فهذا عمل صالح من أفضل الأعمال، لكن ذلك لا يستقيم مع كونها تتمنى الانتحار، فالانتحار من أكبر الكبائر، ومن أعظم الذنوب، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 10397.
فعلى المرأة أن تستعين بالله، وتسعى في استصلاح زوجها، فإن بقي على حاله مسيئاً عشرتها، فينبغي أن تنظر في أمرها، فإن كانت تستطيع الصبر عليه، ومفضلة البقاء معه، فلها ذلك. أما إن كانت لا تطيق الصبر على البقاء معه على تلك الحال، فالطلاق مباح، وعليها أن تحسن الظن بربها، فإنّ الطلاق ليس شراً في كل الأحوال؛ قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ {النساء:130}.
قال القرطبي: أي وإن لم يصطلحا بل تفرقا، فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها. اهـ من الجامع لأحكام القرآن.
وللفائدة ننصح بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.
والله أعلم.