السؤال
كنت على علاقة حب مع ابنة خالتي، لمدة 7 سنوات، وكانت نيتي الزواج منها. وبعد سنة من علاقتي معها، علمت والدتي بحبي لها، وقد أبلغتني بأنك لن تتزوجها مهما حصل، وذلك لتجنب مشاكل بين الأهل، وقد حاولت نسيانها، خاصة أنها تعيش في دولة غير الدولة التي أسكن فيها؛ وقد استطعت نسيانها بعض الشيء في الفترة التي أكون فيها بعيدا عنها؛ لكن عندما أذهب إلى الدولة التي تسكن فيها ابنة خالتي، لا أستطيع التحكم بمشاعري، وترجع علاقتي معها مرة أخرى. قبل أربعة أشهر تقدم لها رجل للزواج منها، وقد أبلغت بهذا الأمر قبل إتمام عقد القران؛ ولكن في تلك الفترة كنت بعيدا عنها، فلم أكن متحمسا للتقدم لها، وذلك لأني كنت أعلم أن أهلي لن يوافقوا على الزواج منها، بناء على بعض الأمور، حتى إن والدتي كانت تعلم أني أريدها، ولكن قالت لي في وقتها ستجد أفضل منها، فترددت في الأمر، ولم أصر عليه بشكل كبير، وذلك لأني لم أجد أي تقبل من والدتي للموضوع، ووقعت في خوف عصيان أمر والدتي، وبالتالي فقد عقد قران البنت على ذلك الرجل، ولم يدخل بها إلى الآن (أي أنه لم تتم حفلة الزواج إلى الآن)
وقبل شهرين جاءت البنت مع أهلها لزيارتنا، وقد بقوا عندنا مدة شهرين، وهنا كانت الطامة، فقد كنت أتصور أني نسيتها ولم أعد أهتم لأمرها، ولكن حدث العكس، فقد علمت عن طريق قريبة لي أن البنت مازالت تحبني، وتريد الزواج مني، وفي نفس الوقت لم أستطع إخفاء مشاعري اتجاهها.
هل في هذه الحالة أكون قد ظلمت البنت، خاصة أني لم أصر على موضوع الزواج منها قبل عقد قرانها؟
وهل عدم إصراري على الموضوع من القضاء والقدر، خاصة أنه يراودني تفكير أن كل ما يحدث بسببي، وبسبب عدم حسن التصرف بالموضوع في تلك الفترة.
أفكر حاليا في التحدث مع زوجها قبل الدخول بها (أي قبل عمل حفلة الزواج) لأشرح له موضوع علاقتنا، وحبنا لبعضنا، وكيف أنني لا أستطيع نسيانها.
فبماذا تنصحوني؟
هل يجوز شرعا التحدث معه في هذا الموضوع؟
أرجوكم ساعدوني؛ لأنني في حالة مضطربة، ولم أعد أحسن التفكير، فأحيانا أقول إن هذا قدر، وأحيانا أقول إني لم أحسن التصرف، وأنا خائف على البنت أنها لن تستطيع أن تقوم بكامل واجبها اتجاه زوجها.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أنه إذا أوقع الله في قلب امرئ حب فتاة، كان الواجب عليه أن يعف نفسه، ويجتنب الوقوع معها فيما حرم الله تعالى من المحادثة على وجوه محرمة كالمحادثة لغير حاجة، أو تبادل عبارات الغزل، ونحو ذلك مما قد يجري بين السفهاء، فإن التزم بهذه الضوابط، فهو مأجور على ذلك إن شاء الله.
والزواج من أفضل ما يرشد إليه المتحابان، كما جاءت بذلك السنة الصحيحة، ففي الحديث الذي رواه ابن ماجة عن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم ير للمتحابين مثل النكاح. وتركك الزواج منها برا بأمك تؤجر عليه-إن شاء الله-وقد أساءت قريبتك هذه حين نقلت إليك خبر حب هذه الفتاة لك، ورغبتها في الزواج منك، وقد أصبحت في عصمة رجل آخر. فالواجب عليك صرف النظر تماما في التفكير فيها، فإنها محرمة عليك؛ قال تعالى مبينا المحرمات من النساء: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ {النساء:24}، أي: المتزوجات.
والتحدث مع زوجها، وإخباره بحبك لها، أو حبها لك، نوع من السعي في الإفساد بينهما، وقد جاء الشرع بالنهي عن مثل ذلك، ففي الحديث الذي رواه أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس منا من خبب امرأة على زوجها...الحديث. وهو وإن كان نصاً في إفساد المرأة على زوجها، ولكن في معناه كذلك إفساد الزوج على امرأته، كما أشار إلى ذلك صاحب عون المعبود بشرح سنن أبي داود.
ثم إن مثل هذا التفريق من عمل الشياطين، ففي صحيح مسلم عن جابر-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا. فيقول: ما صنعت شيئا. قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته-قال-فيدنيه منه، ويقول: نعم، أنت». وهو مبوب عليه في صحيح مسلم: باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس..
فنصيحتنا لك أن تصرف النظر عن هذه الفتاة تماما، وأن تسأل الله تعالى أن ييسر لك زوجة خيرا منها، فإنك لا تدري أين الخير، ففوض أمرك إلى الله، فهو القائل سبحانه: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
والله أعلم.