السؤال
بدأت المشكلة خلال وبعد أداء أبي وأمي لفريضة الحج، إذ كنت قبل ذهابهما مريضا وغير قادر على التعلم، وكذلك بحكم طبيعة مرضي لم أستطع مغادرة البيت إلا قليلا، وقاما هناك بالدعاء لي من أجل أن يصلح حالي، وبعد رجوعهما وجداني لم أتغير, فورد في ذهني أن ذلك قد يفتنهما في دينهما بعد قيامها بالحج والدعاء لي, فمثلا أبي قال ذات مرة بعد الحج إنني سأكفره بدينه بسبب أنني لم أقم بمهمة طلبها مني على أكمل وجه, فماذا تقولون في ذلك؟ وماذا تقولون إذا كنت معافى وفعلت معه نفس العمل؟ وأمي كانت تسب الدين قبل الحج ولا أدري هل استمرت في ذلك بعده؟ وكانت تفعل ذلك بعض المرات عندما تغضب, وبحكم مرضي أتناول 6 وجبات في اليوم، وأتناول حمية محددة لكي أعالج نفسي من هذا المرض، فينتج عن ذلك الكثير من الصحون التي يجب غسلها، وذلك يتعبها وقد يغضبها فهي من تقوم بالغسل ولا أدري هل تعود لسب الدين أم لا؟ ولكي أخفف وأتجنب غضبها أردت أن أستعمل نفس الصحون التي آكل بها دون أن تقوم بغسلها فأضع الصحون جانبا لكي أستعملها مرة أخرى دون غسل، وذلك أيضا يغضبها، فماذا أفعل؟ فأنا في عذاب ضمير دائم واتهامات لنفسي أنني السبب في كفرها وكفر أبي أفكر بعد شفائي ـ بإذن الله ـ أن أتعلم وهي تريد أن أتعلم في البلاد التي نقيم بها وأنا لا أريد ذلك، فحلمي أن أدرس في أوروبا وأرى مستقبلي وحياتي المهنية هناك، وذات مرة تشاجرت معها فنعتتني بألفاظ مزعجة، فقلت لها اخرسي عدة مرات، فهل إذا فتنت في دينها أو غضبت وسبت الدين بسبب قولي هذا أكون السبب وأتحمل المسؤولية؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك، ولوالديك العافية، والهداية، وأن يعينك على برهما، ونذكرك بالصبر على مرضك، وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 172459، ثواب الصبر على البلاء، فراجعها.
وقد بينا في الفتوى رقم: 73876، أن رفع الصوت على الأم ينافي البر، فكيف بقولك: اخرسي، فاتق الله، واعتذر منها وتب إلى الله توبة نصوحاً.
ولا يٌعد إنكارك المنكر عذراً، فإن الإنكار على الوالدين ليس كالإنكار على غيرهما، بل لا بد فيه من الأدب والرفق، كما بينا في الفتوى رقم: 139535.
ولا شك أن سب الدين كفر، كما بينا في الفتوى رقم: 137051.
والواجب أن تناصح أمك أن تترك هذا العمل القبيح، واستعن على ذلك بقرابتها، ومن تثق هي فيهم عساها ترتدع، وقد بينا في الفتوى رقم: 226333، حكم السفر لبلاد الكفار للتعلم.
وبينا في الفتوى رقم: 105345، حكم سفر الابن للتعلم بدون إذن والده، فراجعها.
ثم إن كل إنسان مكلف مسؤول عن نفسه، قال تعالى: وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا * مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا {الإسراء: 13ـ 15}.
ولكن احذر أن تكون سببا في فتنتهم، لا سيما بالأفعال المستفزة التي لا يلزمك فعلها شرعا، ولك عنها غنى، ونذكرك بالدعاء والتضرع إلى الله أن يكشف عنك ذلك، وأن يهدي والديك.
والله أعلم.